محافظة الخليل.. في عين التنسيق الأمني بين سلطة دايتون وجيش الاحتلال الإسرائيلي

“أنتم لا تتعلمون كيف تحاربون الإسرائيليين، وأنتم هنا ليس من أجل محاربة الاحتلال، وإنما لمحاربة قوى الشغب والجريمة والفوضى في فلسطين”؛ هذا ما صرَّح به المدعو “عبد الرزاق اليحيى” وزير الداخلية في حكومة “فياض” اللاًَّشرعية بتاريخ 9/10/2008م، في قاعدة عسكرية في الأردن خصِّصت لتدريب عناصر مختارة من الأجهزة الأمنية التابعة لمحمود عباس، برفقة المنسق الأمني الأمريكي الجنرال “كيث دايتون”، معبراً عن دور هذه الأجهزة الأمنية “الدايتونية” التآمري على قوى المقاومة الفلسطينية في ظل تطبيق حكومة “عباس- فياض” لخطة الجنرال “دايتون” الساعية لاجتثاث المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
ويشكِّل التنسيق الأمني بين سلطة “دايتون” وجيش الاحتلال عنواناً رئيساً في تعزيز ودعم هذه الخطة المنظمة التي تنفذها سلطة “عباس” بالتعاون والتنسيق مع “إسرائيل” وأمريكا، هذه الأخيرة التي دعت وزيرة خارجيتها “كونداليزا رايس” في خطاب ألقته أمام مؤتمر الشراكة الأميركية الفلسطينية الذي عُقد يوم الثلاثاء 14/10/2008م، في غرفة التجارة الأميركية بواشنطن، والذي حضره المنسق الأميركي الخاص لأجهزة الأمن الفلسطينية “جيمس جونز”، وحضره رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، ونحو 150 شخصاً من بينهم 30 من رجال الأعمال الفلسطينيين من الضفة الغربية، السلطة إلى أن “تضاعف من جهودها” من أجل السَّلام، مشدِّدة على ضرورة أن تواصل السلطة تصفية المقاومة الفلسطينية المسلحة، وقالت: إنه ينبغي عليها (السلطة) “تفكيك البنية التحتية للإرهاب (المقاومة)”.
“أرانب” التنسيق الأمني
ففي حين هاجم النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح في محافظة بيت لحم “عيسى قراقع”، الأجهزة الأمنية التابعة لرئيس السلطة محمود عباس في المحافظة تعقيباً على موقفها المذل يوم الأحد (12/10/2008م)، خلال اقتحام قوات الاحتلال الصهيوني للمدينة وتنفيذ عملية عسكرية أسفرت عن هدم أجزاء من مبنى سكني ، وإغلاق وسط المدينة لساعات، وسط اختفاءٍ كاملٍ لأجهزة عبَّاس الأمنية.
ووصف النائب الفتحاوي، في مقالة له تحت عنوان: (اجتياح بهدوء ونوم أمني في العسل)، هذه الأجهزة بأنها “أرانب لحفظ النظام الداخلي فقط والتصدي لأبناء شعبها”، وقال: “بيت لحم مليئة بالعمداء، والعقداء، والخبراء، والمهمين جداً، والتاريخيين جداً، الذين لا ينفكون يتحدثون عن ماضيهم الحافل بالبطولات.. هؤلاء الأبطال تحوَّلوا في زمن الاحتلال الجديد إلى أرانب مهمتها فقط حفظ النِّظام الداخلي، وليس لهم علاقة بالخارجي، والمقصود بالخارجي كلّ قادم من عتصيون، أو القدس، أو من معسكر (إسرائيلي) سواء دبابة، أو طائرة، أو مستوطن، أو جندي سائح، ومؤخراً البضاعة الفاسدة”.
فيما طالب “حسام خضر” النائب عن حركة فتح في المجلس التشريعي، خلال مؤتمر صحفي له السبت (18/10)، رئيس السلطة محمود عباس بإعادة النظر في الاتفاقية الأمنية مع الاحتلال الصهيوني، التي تسمح للقوات الصهيونية بالدخول والخروج من وإلى المدن والمخيمات الفلسطينية، واصفاً تلك الاتفاقية بـ “المهينة والمذلة لكافة أبناء الشعب الفلسطيني”، مؤكداً أن “بعض قيادات الأجهزة الأمنية المرتزقة غير مهتمين”، واصفاً إيَّاهم بـ”المرتزقة”.
الخليل ليست استثناءً…..
واليوم يطال هذا التنسيق الأمني مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية ويطال قراها: الظاهرية، ودورا، وحلحول، وصوريف، وبيت أمّر، وترقوميا وتفوح، وبيت أولا التي لا يمر يوم إلا وتداهمها قوات الأمن “الدايتونية” وقوات الاحتلال الإسرائيلي لتعتقل أبناءها أو تداهم منازلها ومؤسساتها.
إنَّ هذه الاعتقالات والمداهمات اليومية لمدينة الخليل، وفصل العشرات من المعلمين والمعلمات الذين تم تعيينهم في عهد حكومة هنية السابقة، تتواصل دون أية ضوابط، أو قانون، أو التزام بأجواء حوار، أو أيّ شيءٍ آخر.
فقد نقلت مصادر صحفية عن مصادر فلسطينية مطلعة للغاية، أن لقاءً عقد في “مستوطنة بيت إيل”، المتاخمة لمدينة رام الله، يوم الخميس (23/10) بين قادة أجهزة أمنية فلسطينية وقادة عسكريين صهاينة وضباط أمريكيين لبحث إدخال عناصر الأمن الوطني الفلسطيني إلى الخليل.
وحسب صحيفة “القدس العربي”، فإنَّ المصادر الفلسطينية لفتت إلى أنَّ الاتفاق الفلسطيني الصهيوني الأمريكي على إدخال عناصر الأمن الفلسطيني ، الذين تدرّبوا في المملكة الأردنية الهاشمية، بإشراف أمريكي، كان قد تمّ التوصل إليه قبل نحو أسبوعين، إلاَّ أنّ الحكومة الصهيونية ما زالت مترددة في إخراجه إلى حيّز التنفيذ، بسبب خشيتها من رد فعل المستوطنين اليهود.
ولكن من ناحية أخرى، أضافت المصادر أنَّ الجنرال الأمريكي “دايتون” أقنع الصهاينة بضرورة إدخال الأمن الفلسطيني إلى مدينة الخليل، باعتبارها المعقل الرئيس لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الضفة الغربية المحتلة.
وشدَّدت المصادر في سياق حديثها على أنَّ الاجتماع كان حاسماً في هذه القضية، مشيرة إلى أنَّ الصهاينة اقتنعوا بضرورة إدخال القوات الفلسطينية إلى المدينة، ولكنَّ البند الذي ما زال قيد البحث؛ هو تحديد التاريخ الذي ستدخل فيه القوات الفلسطينية إلى المدينة لتباشر ملاحقةَ الخلايا التابعة لحركة حماس، والتي تنشط في المدينة والقرى المحيطة بها.
وأشارت المصادر إلى أنَّ عناصر الأمن الفلسطيني اختبرت من قبل الأمريكيين في الحملة التي شنتها السلطة الفلسطينية على مدينة نابلس مؤخراً، حيث أثبتت هذه العناصر قدرتها وجدارتها، على حدِّ تعبيرها.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أنَّ عناصر الأمن الفلسطيني الذين سينقلون إلى الخليل كانوا قد تلقوا التدريبات في معسكر “الموقر” الأردني طيلة الشهور الماضية، وأنهت كتيبة النخبة، ويبلغ عدد أفرادها 700 عنصر، التي شكلت وفقا لخطة رسمها المنسق الأمني الأمريكي الجنرال “كيث دايتون” تدريباتها على يد مدربين أردنيين وبإشراف أمريكي في أحد المعسكرات الأمريكية التي أقيمت غربي مدينة عمان، لافتة إلى أن الأمريكيين خصصوا مبلغ 7 ملايين دولار لتأهيل الجيش العراقي والجيش الفلسطيني.
وقالت المصادر أيضاً: إنَّ التحرك الفلسطيني هذا لا يعني نقل المسؤولية الأمنية عن الأحياء الفلسطينية في الخليل إلى السلطة، بل سمحت (إسرائيل) للسلطة بالعمل في المدينة؛ لأنَّ هذه القوات ستقوم بعمليات محددة في مناطق وأوقات مختلفة، ومن المتوقع أن تنسق تلك القوة تحرّكاتها مع قوات الاحتلال في الخليل.
وكانت السلطة الفلسطينية قد تسلَّمت من الأردن الشهر الماضي بموافقة صهيونية ما يقارب 1000 بندقية، بالإضافة إلى عشرات آلاف الرَّصاصات.
ولعل أخطر ما يحاك لهذه المدينة العريقة من مؤامرات، ما يتداول حالياً عن استعدادات واسعة تقوم بها الأجهزة الأمنية “الدايتونية” في محافظة الخليل لشن حملة أمنية أطلقوا عليها زوراً وبهتاناً اسم: حملة “شموخ الوطن”، والتي تستهدف حركة حماس وأبناءها في أرجاء المحافظة.
حيث تم تهيئة الأجواء لتلك الحملة المعززة بما يزيد عن 1000 عنصر أمني، بعمل لقاء موسع حضره مسؤولو الأجهزة الأمنية في المحافظة، وعلى رأسهم العميد “سميح الصيفي” قائد قوات الأمن في المحافظة والمحافظ ومدير جهاز الأمن الوقائي العقيد “إياد الأقرع” وعدد من مسؤولي الأجهزة الأمنية في الخليل في قاعة رابطة الجامعيين في الخليل بتاريخ (20/10/2008م) مع ما يزيد عن ألف شخصية من وجهاء ومخاتير ورجال إصلاح من كل قرى ومخيمات المحافظة، وتمَّ الحديث في هذا اللقاء عن الحملة وأهدافها، مدَّعين أنها تستهدف الخارجين عن القانون، وجمع السّلاح، وأن قوائم من الأسماء أُعدت من أجل اعتقالها في تلك الحملة الإجرامية هذا وقد أطلقت عليها أجهزة الأمن “الدايتونية” حملة “شموخ الوطن” إلاَّ أنَّ التسمية الحقيقية لهذه الحملة: “مجزرة لحماس وأبنائها”.
من جانبه هدَّد محافظ الخليل “حسين الأعرج”، في ذات اللقاء، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق من أسماهم بـ “الخارجين عن القانون”، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية ماضية في خطتها لتطبيق ما أسماه “الأمن وبسط النظام والقانون في المحافظة، وسنعمل على جمع السلاح من بين المواطنين، ومن يضبط في بيته سلاح ستتم معاقبته، ولن نسمح لأيِّ كان بالعبث بأمن المواطن والسلطة مهما كان انتماؤه الفصائلي”، في إشارة واضحة باستهداف سلاح المقاومة، وحركة حماس.
وعلى الصعيد ذاته، قال قائد قوات الأمن في منطقة الخليل العميد سميح الصيفي: “ستقوم الأجهزة الأمنية بتنفيذ حملة أمنية في جميع أنحاء المحافظة تحت اسم “حملة شموخ الوطن”، وبشعار “لا علم يعلو فوق فلسطين إلاَّ علم فلسطين”.
واستذكر الصيفي الحملات الأمنية التي نفذها مؤخراً في ريف المحافظة التي استهدفت المقاومين، مؤكداً نجاح تلك العمليات، وأنها حققت نتائج جيدة جداً، معترفاً بوجود بعض “التجاوزات” في تلك الحملات.
وأكد على أن الأجهزة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام من يعتدي عليها سواء بإطلاق الرَّصاص أو ما شابه ذلك، مضيفاً القول: إن “من يطلق علينا النار سنطلق علية النار، ولن نسمح للخارجين على القانون بمقاومتنا، وإفشال حملتنا، ولا بالتعدي على حرمات شعبنا وأعراضهم وممتلكاتهم”، وهو ما تقوم به هذه الأجهزة “الدايتونية” بحق أهلنا في الخليل.
مشاهد من مظاهر التنسيق الأمني في الخليل:
– بتاريخ 17 /9/2008م: اختطفت الأجهزة الأمنية “الدايتونية”
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

45 شهيدًا بمجازر إسرائيلية دامية في مخيم جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 45 مواطنًا على الأقل وأصيب وفقد العشرات - فجر اليوم- في مجازر دامية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما...

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...