مشروع إسرائيلي لتوطين اللاجئين بالضفة الغربية

صحيفة الوطن القطرية

التوطين.. هذا هو مضمون ما صرحت به ليفني من أن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين سيكون في إطار ما وصفته بالدولة الفلسطينية، التي ستفرزها مفاوضات أولمرت ـ عباس كإطار لاتفاق مبادئ يعرض على الاجتماع الدولي للسلام الذي اقترحته إدارة بوش.

الاقتراح يشكل انتهاكاً للشرعية الدولية التي اعتبرت القرار «194» أساساً لحل «حق العودة» لهؤلاء اللاجئين، موقف ليفني ينطلق من بعد عنصري يقضي بضمان التفوق الديمغرافي اليهودي في فلسطين، ومحاولة للتحرر من مسؤولية “إسرائيل” السياسية والأخلاقية تجاه هذه القضية الأساسية.

الحل الذي تطرحه ليفني يهدف لتوريث الفلسطينيين دولة مأزومة بانفجار سكاني، ينوء تحتها كيان يعاني من أوضاع اقتصادية واجتماعية تستحيل إدارتها، وبالتالي تؤدي إلى حالة تخلف وفوضى منفلتة وصراعات داخلية تعوق إمكانية التنمية، وتصرف الشعب الفلسطيني للتقوقع في أوضاعه الداخلية على حساب مشروعه الوطني المعادي ل”إسرائيل”، من خلال عزل “إسرائيل” عن هذا الكيان بالجدار العنصري العازل، وفرض حارس لها ممثلاً بمؤسسة الرئاسة.

هذا المشروع سيحول الكيان الفلسطيني إلى أحد الغيتوهات النازية المعزولة، والعاجزة عن فرض سيادتها، وإذا كانت “إسرائيل” تجد في جدارها العازل وإعادة انتشار قواتها في منافذ الكيان الفلسطيني حماية لنفسها من تأثيرات الواقع الذي ستخلقه في الضفة، فإن تأثيرات ذلك الوضع الفلسطيني في الضفة الغربية سيمتد إلى الضفة الشرقية من نهر الأردن بكل أزماته، وهو ما يمكن أن يعيد نفخ الروح في «الخيار الأردني» الذي أفشله الشعبان الفلسطيني والأردني، بكل ما يحمله ذلك المشروع من مخاطر على الأردن ودول الجوار الأخرى، وهو ما ينبغي التصدي له بموقف عربي ثابت وواضح.

لم يكن بإمكان ليفني أن تقدم هذا الاقتراح اللاأخلاقي كإطار لمفاوضات على اتفاق مبادئ مع الفلسطينيين لولا تلمسها بوضوح موقف النهج التفريطي الفلسطيني واستعداده الواضح للتخلي عن الثوابت الوطنية الفلسطينية، ووضع كل بيضه في السلة الأميركية ـ الإسرائيلية، فما قالت به ليفني هو استخفاف بالشرعية الدولية، واستفزاز للشعوب العربية.

إن “إسرائيل” تسعى لنقل أزمتها الديمغرافية إلى الطرف الفلسطيني، بل إنها تسعى للتخلص من كابوس «اللاجئين» الذي مازال يشكل واقعاً ثابتاً في الشرعية الدولية وفي إطار الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وعلى العرب التحسب إزاء هذا الطرح العنصري الذي يهدف لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وحرمانهم من حلمهم الذي لن يتخلوا عنه بالعودة إلى مدن وقرى نبتت فيها جذورهم.