الخميس 25/أبريل/2024

حماس واللاجئون… تصفية وجود و إنهاء مقصود

حماس واللاجئون… تصفية وجود و إنهاء مقصود

لربما أن الأمور باتت تتضح أكثر فأكثر ويوما بعد يوم وبأن الحسم الذي أقدمت عليه حماس في غزة ليس هو السبب الوحيد الذي يمنع كبار السلطة وقادة حركة فتح من رفض الحوار مع حماس بقدر ما هي ضغوط تمارس عليهم لأجل إنهاء دور حماس السياسي حيث باتت الأمور تنسق وتهندس بين القادة الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء من اجل الدخول في حوارات متتابعة ومتتالية ومكوكية للاستفادة مما أقدمت عليه حماس في غزة في الاتجاه الآخر، وبالتالي محاولة شطبها فلسطينيا بعد إخراجها أولا من معادلة السلطة عبر حل الرئيس لحكومتها وتشكيل الحكومة الجديدة في رام الله برئاسة السيد سلام فياض، حيث بدأت إسرائيل بالعمل مع السلطة برام الله بسرعة غير مسبوقة وغير متوقعة لأجل أمرين اثنين.

الأول: يكمن في محاولات إسرائيل المستميتة والتي من خلالها تحاول شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين من ذاكرة الساسة الفلسطينيين المعتدلين على الأقل علماً بأن قضية اللاجئين قضية محورية وحساسة للشعب الفلسطيني لذلك فإن إقصاء حماس والجهاد وحركات المقاومة بشكل عام يشكل مدخلاً أولياً لمحاولة إنهاء قضية اللاجئين في الذاكرة الفلسطينية ومن ثم محوها ميدانيا من خلال تصوير قضية اللاجئين كأنها غير قابلة للتطبيق.

الثاني: هو إزاحة حماس وإنهاؤها سياسيا بالعمل مع ما تسميهم ” المعتدلين الفلسطينيين ” على حصارها في غزة عبر سد جميع المنافذ التي تشعر حماس بأنها معزولة فعلا كالمعابر بشكل عام خاصة المنفذ البري الوحيد لقطاع غزة والذي حجّم تحركات حماس بشكل غير مسبوق خصوصا حين أشعرها ذلك بأنها محاصرة وهي التي تحكم في غزة غير قادرة على فعل أي شي للآلاف من المحاصرين على معبر رفح من المرضى خصوصا والذي توفي منهم ما يقارب الثلاثين وأكثر.

كل ذلك خلق بلا شك حالة عصبية للإدارة السياسية لحماس في قطاع غزة ولا شك في انه أربك أداءها السياسي والاجتماعي رغم نجاحها الأمني الملحوظ واللافت للنظر لكن السؤال الذي يثار: ما هو المطلوب من حماس اليوم ؟ هل المطلوب فعلا التراجع عما أقدمت عليه حماس في غزة !! وللإجابة علينا أن نعرف أولا وبصراحة هل السيد محمود عباس رئيس السلطة يريد من حماس فعلا التراجع وماذا إذا لم تتراجع حماس عما أقدمت عليه ؟ الرئيس عباس يدرك جيدا بأن حماس لن تتراجع، لذلك هو أدار المعركة مع حماس بمنطق آخر حيث تم تحويل الأمر من داخلي محلي إلى خارجي دولي عبر نعت حماس بالإرهابية وأنها ترعى تنظيم القاعدة في غزة وأنها تحاول خلق دويلة إسلامية في قطاع غزة ثم أنها حركة راديكالية متطرفة لا تؤمن بالأسس الدولية أي الشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية الراعية لما يسمى عملية السلام لذلك فإن المساحة التي كانت متروكة للرئيس عباس عقب فوز حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006م كانت مساحة ضيقة للغاية بل لا ترى بالعين المجردة بالنسبة لرئيس السلطة مما شكل مشنقة سياسية إن صح التعبير لتلك الأفكار السياسية التي يحملها مما يعني أن الشعب الفلسطيني الذي اختار عباس حين امتنعت حماس عن المشاركة قد وضع السيد الرئيس في زاوية لم يسبق لها مثيل ، حين وضعه في رئاسة سلطة أمامها مشاريع كبيرة يحمل خطوطها العريضة هو صاحب المشاريع السياسية البحتة ثم ما لبث وان وجد حماس تلحق به إلى نفس السلطة لكن بمشاريع غير تلك التي يحملها الرئيس عباس بمعنى مشاريع لا تؤمن بالحلول السياسية البحتة .

اليوم باتت الأمور بعد الحسم العسكري في غزة والذي قامت به حماس فرصة ذهبية للرئيس عباس من اجل الانتقام من حماس التي قضت على أحلامه بالوصول إلى ما يصبو إليه مع الشريك الإسرائيلي، لذلك فالرئيس محمود عباس يعلم تماما بأن الرجوع إلى حماس معناه الرجوع للقضاء على تلك الأحلام التي بناها مع مقربين منه لوضع خطوط عريضة لدولة فلسطينية بدون عودة اللاجئين، وهذا ما يفسر تصريحاته الأخيرة بأنه يبحث عن حلول خلاقة لقضية اللاجئين وهو ما معناه أن الرجل لن يقدم على مصالحة حماس والحوار معها إلا بعد أن يصل إلى تلك الخطوط العريضة مع الجانب الإسرائيلي وبدعم دولي وهذا أيضا بلا شك يفسر الدعوة الأمريكية التي أطقها الرئيس بوش من اجل الدفع بعملية السلام، عملية السلام الخالية من عودة اللاجئين حيث وجدوا أن ما أقدمت عليه حماس في غزة فرصة قد لا تعود ويجب استثمارها بمنحى آخر لذا كان عليهم الاستفادة منها إلى ابعد حدود علما بأن إسرائيل لن تبحث في قضية سلام مع الفلسطينيين قائمة على عودة اللاجئين والتي ترى حماس بأنه لا يمكن الموافقة على أي عملية تسوية من دون عودة للاجئين، لذلك فإن عزل حماس هو الشعار الذي يجب أن يسود خصوصا إذا علموا بأن حماس لن تتراجع قيد أنملة عما أقدمت عليه في غزة لأنها باعتقادها بأن عودة الوضع إلى سابق عهده يعني عودة الانفلات الأمني المقصود وعودة الخاوات والعربدة وهو ما لن تقبله حماس بحال من الأحوال.

أما عن المجتمع العربي فهو يريد حلا بأي شكل من الأشكال للمشكلة الفلسطينية والتي باتت تشكل له هاجساً غير مرغوب فيه خصوصا بأنها غير قادرة على التحرك نحو إقامة علاقات دبلوماسية علنية مع إسرائيل إلا بعد حل المشكلة الفلسطينية، لذلك فإن العرب خصوصا الذين تواطؤوا ضد حماس وجدوا في انقلابها كما يسمونه فرصة لنفي الشرعية عنها وتسمية ما حصل انقلاباً ضد شرعية الرئاسة الفلسطينية ليس حبا في عباس بقدر ما هو كره بحماس التي باتت تشكل عائقاً أمام تحركاتهم القائمة على التنازل من اجل الوصول إلى حل بأي شكل يمكن أن يخلصهم من تلك القضية ” المقرفة ” كما وصفها رئيس إحدى الدول العربية، لذلك فإن عدم الذهاب لحوار مع حماس اليوم هو مطلب إسرائيلي أمريكي عربي للنيل من القضية الفلسطينية ومن حماس على حد سواء وبأيدٍ فلسطينية إسرائيلية وبتأييد عربي كامل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات