بهلوانات أوسلو وكبيرهم هذا
عودتنا قيادات سلطة أوسلو بعد كل مجزرة تقوم بها إسرائيل أو بعد كل انتهاك لحرمة المسجد الأقصى أو بعد بناء مستوطنة جديدة عودتنا هذه القيادات أن يظهر أحدها في وسائل الإعلام وهو يقف مزهواً ضاحكاً مصافحاً أحد القادة الإسرائيليين وقد تكرر ت مثل هذه المشاهد إلى الحد الذي جعلنا نوقن بأن تبرئة القادة الإسرائيليين وتنظيف سجلهم الإجرامي هو أحد أهم الوظائف المناطة بقيادة السلطة بل تعدى الأمر ذلك إلى أن يقوم كبير المفاوضين في السلطة إلى حضور المنتدى الاقتصادي على شاطئ البحر الميت جالساً جنباً إلى جنب مع شمعون بيريز رئيس الوفد الإسرائيلي باعتباره صديقاً له بل إن عريقات انبرى مهاجماً كل من يعادي أو يهاجم إسرائيل .
ومن الأمثلة العديدة لمثل هذا السلوك الشائن اجتماع محمود عباس مع أولمرت في مدينة القدس في مسكن الأخير في الوقت الذي كان الاثنان في حالة من الطرب على أنغام الجرافات الإسرائيلية وهي تهدم جزءً من جدار المسجد الأقصى ليخرج أولمرت للعالم بصورة تذكارية يظهر فيها عباس مبتسماً ضاحكاً ليظهر للعالم من خلال هذه الصورة موافقة القيادة الفلسطينية بل وسرورها على ما يحدث للأقصى كل هذا يضاف إلى سجل التعاون الأمني بين رموز السلطة والعدو الصهيوني والذي يتم من خلاله تزويد دوائر الأمن في السلطة إسرائيل بجميع المعلومات التي تلزمها للقيام بمهام القضاء على المقاومة وقادتها وعندما سُئِل عريقات عن الأموال الأمريكية والتسهيلات الإسرائيلية لقوات حرس الرئاسة قال إن هذه الأموال سوف تصرف لتمويل أجهزة المراقبة عند المعابر .علماً أن المعابر مغلقة ولكي لا نظلم الرجل فإننا نعتبر أن إجادته التحدث بالإنجليزية ربما تكون هي الصفة المهمة الوحيدة في شخصيته إضافة إلى موهبته في الرقص الشرقي والتي استعرضها في جلسة المجلس التشريعي المنعقدة في 16/12/2006 والتي أتحف فيها أعضاء المجلس بمهارات هز الوسط فرحاً بكلمة رئيسه عباس والتي كانت مفعمة بالاستهزاء والسخرية من مفاهيم المقاومة والتحرير والصمود ثم أتبع الكلمة عزام برقصة أخرى .
ومن المؤكد أنه بعد سلسلة التنازلات التي قدمتها مجموعة أوسلو منذ 1992 بقيادة زعيمها ياسر عرفات وحتى يومنا هذا كانت أشبه بلعبة قمار كشفوا فيها كل أوراقهم أمام الولايات المتحدة الأمريكية وسلموا أمرهم للقيادة الإسرائيلية باعتبارها شريكهم في السلام مقابل وعود وهمية بدولة مستقلة وأموال وسلطات ولكنهم خسروا كل نقاطهم وبات رصيدهم مكشوفاً فخسروا رهان المقاومة قبل أوسلو وخسروا رهان السلام والمفاوضات بعد أوسلو ولم يعد أمامهم سوى العمل كمستخدمين مأجورين بجهدهم الذاتي في دوائر البنتاغون الأميركي والموساد الإسرائيلي للحصول على الرفاهية والمطامع الذاتية وقد كانت مهام المشاركة في تضييق الحصار على الشعب الفلسطيني عندما منع عباس دخول الأموال التي حملها هنية من أجل الشعب المحاصر وكذلك عمليات الفلتان الأمني التي تقوم بها الأجهزة الأمنية التابعة للرئاسة والميليشبات الفتحاوية وأخيراً إفشال اتفاق مكة ومن ثم المحاولات الانقلابية على الحكومة الشرعية وتدمير المجلس التشريعي وكل ذلك يتم بالتكاتف والتنسيق التام بين مجموعة أوسلو ورئيسها وبين حكومة أولمرت . ويبدو أن هذا الاستخدام الدنيء من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وبمشاركة خدماتية مجانية للنظام المصري لتسخير محمود عباس وعصابته التي باعت نفسها بثمن بخس هو جزء من مخطط لفرض الحل النهائي الذي يريدون فرضه على الشعب الفلسطيني عن طريق سحق حماس عسكرياً ومقابل إبقاء هذه الرموز الأوسلوية في الحكم و إغراءها بالمال والامتيازات .
و من الواضح أن هناك هوة شاسعة بين النهج الذي تتبناه مجموعة أوسلو وبين تطلعات الشعب الفلسطيني وأن من غير الممكن ردم تلك الهوة حيث يمجد الشعب الفلسطيني الجريح المقاومة ولا يقبل هذا الشعب حلاً يستند إلى التركيع والإذلال وسرقة الأرض في الوقت الذي يعتبر فيه بهلوانات أوسلو المقاومة عنفاً يجب إيقافه متخذين من شعار الواقعية السياسية والتعقل شعاراً لتبرير التنازلات والتفريط بحقوق الشعب وهذا ما يجعل الصورة مقلوبة وتصب في مصلحة السياسات الإسرائيلية حيث تتردد على لسان عريقات عبارة ((يجب وقف العنف المتبادل)) ويقصد بذلك العدوان الإسرائيلي و الأعمال التي تقوم بها المقاومة رداً على العدوان وكأنها حرب بين طرفين متكافئين حيث تتساوى الضحية بالجلاد والمقتول بالقاتل .
إن وجود هذه الزمرة على رأس الهرم السياسي الفلسطيني قد جعلت قضية فلسطين في مهب الريح خاصة وأن الهم الأول والأخير لمثل هؤلاء هو المناصب والمنافع المادية الشخصية دون أن يكون لفلسطين ولا لشعبها أي اعتبار في حساباتهم ولا بد من انتفاضة شعبية عارمة تطيح برؤوس هؤلاء وتحاكمهم على كل ما ارتكبوه بحق القضية الفلسطينية أو أن يكون الحل الآخر وهو القبول بالرئيس عباس ومجموعته وسطاء سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل .