الأحد 03/نوفمبر/2024

تعالوا نضحك قليلا

د. محمد عطية عبد الرحيم

تناقلت وكالات الأنباء بالأمس خبرا يفيد بأن اللقاء بين الرئيس محمود عباس  ورئيس وزرائه إسماعيل هنية الذي كان مقررا لبحث أوجه الخلاف بين فتح وحماس وبحث ملف الشراكة السياسية والتهدئة مع إسرائيل قد أرجئ لأسباب أمنية لأن إسرائيل رفضت أن تتجاوب مع مطالبة عباس بعدم المس برئيس الوزراء الذي يعيش الآن مطاردا مهددا بالاغتيال من إسرائيل.

هذا الخبر إذا أخذته دون إمعان النظر فيه فلن يضحكك لأنه ليس مضحكا في شيء من النظرة الأولى ولكن إن تأملته جيدا فستجده مضحكا جدا لدرجة أنه سيبكيك من كثرة الضحك الذي لن تستطيع التحكم فيه.

والسؤال الذي يبرز ويطل برأسه بشدة : ما هو المضحك في هذا الخبر العادي جدا والذي لا يثير الدهشة والاستغراب؟. فقد استقبله العالم دون اكتراث ولم يعره كثير اهتمام. ولربما اهتموا بكلب علق في بالوعة مجاري أكثر! و للإجابة على هذا السؤال السابق أقول مستعينا بالله ما يلي:

1- أن رئيس الوزراء المنتخب انتخابا شرعيا في انتخابات ديمقراطية شهد العام بأسره على شفافيتها ونزاهتها يعيش مطاردا بدلا من السفر وإجراء المحادثات ومقابلة السفراء والزوار السياسيين ومقابلة نظرائه في الدول العربية والإسلامية. فالانتخابات في العالم بأسره تعطي شرعية لا يمكن لأحد المساس بها إلا الانتخابات الفلسطينية الوحيدة في العالم التي لا تعطي شرعية لأحد.

2- رئيس الدولة والمنتخب أيضا في انتخابات شرعية والذي يتعامل معه العالم الكاذب والمنافق على أنه رئيس معتدل يجب عليهم أن يقووا من مكانته لم يستطع ضمان سلامة رئيس وزرائه ورئيس المجلس التشريعي والنواب والوزراء برغم إلحاحه المتكرر وربما في نهاية المطاف أعطي إذنا على استحياء وبعد كثير من التوسلات بأن يلتقي برئيس وزرائه.

3- لقد قبلت شريحة من أصحاب القرار الفلسطيني بأن تسود هدنة في قطاع غزة دون أن تمتد إلى الضفة الغربية التي تركت لإسرائيل تعيث فيها الفساد والقتل والتقتيل . وبذلك كرسوا تقسيم الوطن إلى جزئين لا رابط بينهما .

4- الأدهى والأمر مما سبق أن عباس وإسماعيل هنية يتقاتلان بشدة على الصلاحيات وأزهقت كثير من الأرواح على هذا الشيء التافه الذي يسمى سلطة والتي لا يملك فيها أي منهما سلطة حقيقية حيث لا يستطيع أيهما أن ينتقل من مكان إلى آخر بدون موافقة إسرائيلية واضحة بعد كثير من التوسلات والتدخلات.

5- سكوت العرب وقادتهم عن تهديد إسرائيل الصفيق والعلني لرئيس وزراء بلد شقيق كما يدعون كذبا وبهتانا. فهم الذين أعطوا المبرر لإسرائيل، فهم لم يجتمعوا به مطلقا وفرضوا عليه مقاطعة سرية وعلنية وكأنه رجس وهم الأوغاد المشاركون في المؤامرة على تصفية قادة المقاومة ويعزز ما ذهبنا إليه ما ذكرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية من أن رئيس إحدى الدول العربية قال إنه لا يحب أن يرى حماس في الحكم وان العملية السياسية لا تتقدم في ظل وجود حماس وكرر هذا الموقف سفيره في إسرائيل لنفس الصحيفة وكأن العملية السياسية كانت ناجحة قبل قدوم حماس . كيف تسكتون على تهديد واضح بالتصفية؟ ولكن لماذا نستغرب فقد سممت إسرائيل القائد التاريخي للشعب الفلسطيني وهم تواطئوا على ذلك بالسكوت وغض الطرف على ذلك. وكل ما حظي به الرجل بعد موته رسائل تعزية لخلفه من هذا الرئيس أو ذاك وعلى استحياء أيضا.

6-سكوت الديمقراطيات الغربية الكاذبة عن التهديد بقتل رئيس وزراء منتخب ذلك لأن إسرائيل هي التي ستقتله وأن من ستقتله إسرائيل يكون قد استحق القتل يقينا حتى لو كان رئيس وزراء منتخباً انتخابا شرعيا ديمقراطيا ولم يحرك أحد منهم ساكناً لمنع هذا التهديد وحماية الخيار الديمقراطي. فهم سكتوا أيضا على قتل المدنيين الأبرياء والأطفال بالجملة بقصف بيوتهم دونما خجل.

رب قائل يقول يا أخانا قد ظلمتنا فنحن لم نقرأ مقالك إلا لكي نضحك ولنخفف هذا الهم الشديد عن قلوبنا الذي عشناه طوال الأسبوعين الماضيين فلا يوجد في مقالك إلا الغم والنكد . ولكني أقول لهم بأنه مضحك جدا.

ألم تسمعوا قول العرب (شر البلية ما يضحك) فاضحكوا أو فلتبكوا إن أردتم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات