الجمعة 27/سبتمبر/2024

طريق مسدود

طريق مسدود

صحيفة البيان الإماراتية

القضية الفلسطينية هي العنصر الأكبر في مشروع «المبادرة» العربية للسلام مع “إسرائيل”. ولذا فإن مدى نجاح أو مدى فشل المشروع يعتمد بصورة أساسية وحاسمة ـ ضمن عوامل أخرى ـ على مسلك القيادة الفلسطينية، صاحبة القضية بالأصالة.

تأسيساً على هذا الطرح نتساءل: كيف يتسنى للمبادرة العربية أن تحرز أي تقدم إيجابي بينما تنتهج الرئاسة الفلسطينية سياسة تتفق مع “إسرائيل” وبالتالي مع الولايات المتحدة وأجندتها؟ المبادرة العربية تتجسد في معادلة واضحة ومحددة ومتوازنة: “إسرائيل” تصفي احتلالها للأراضي العربية وفي المقابل تحصل على تطبيع شامل وكامل مع الدول العربية. وخلال الأسبوع الجاري اجتمعت لجنة مكونة من ممثلي 13 دولة عربية عهد إليها بتسويق المبادرة وتفعيلها. وقد وضعت اللجنة لنفسها خطة تحرك بإرسال فرق إلى مؤسسات دولية ودول من بينها “إسرائيل”.

لكن في هذه الأثناء وعلى خلفية هذا التحرك العربي الجماعي ينهمك رئيس السلطة الفلسطينية محمود أبو مازن في لعبة مختلفة تماماً مع رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت. عنوان اللعبة «خطة دايتون»، نسبة إلى الجنرال كينيث دايتون المكلف بواسطة الإدارة الأميركية والقيادة الإسرائيلية بأن يكون «المنسق» الأميركي لشؤون الأمن مع السلطة الفلسطينية. التنسيق في هذا السياق يعني التضييق على فصائل المقاومة الفلسطينية على طريق القضاء عليها من جذورها.

لهذه الغاية تنطوي خطة دايتون على برنامج لتدريب وتسليح قوات الحرس الرئاسي الموالية للرئيس أبو مازن. وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن الخطة عرضت على اجتماع أبو مازن مع أولمرت الذي عقد مطلع الأسبوع حيث حصلت على موافقة نهائية من الطرفين.

ووفقاً للصحافة الأميركية والصحافة الإسرائيلية فإن إدارة بوش تعهدت بالتمويل، وبالفعل رصدت للخطة نحو 60 مليون دولار لتزويد قوات الحرس الرئاسي الفلسطيني بأسلحة وذخيرة وتجهيزات عسكرية أخرى، بالإضافة أيضاً إلى تمويل برنامج التدريب. وتفيد الصحف الأميركية والإسرائيلية أيضاً أن وزير الدفاع الإسرائيلي والجنرال دايتون وضعا اللمسات الأخيرة على تفاصيل الخطة قبل رفعها إلى اجتماع أولمرت مع أبو مازن.

وعلى هذا النحو تلقى أولمرت من أبو مازن تعهداً رسمياً بأن تتضمن مهام الحرس الرئاسي وقف عمليات تهريب الأسلحة والذخائر إلى فصائل المقاومة عبر الحدود مع مصر عن طريق معبر رفح. في تعقيبها على لقاء أبو مازن ـ أولمرت قالت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» إن «اللقاء مخيب للآمال من خلال الوعود الإسرائيلية الكاذبة برفع الحواجز وفتح المعابر». لكن ما رشح عن اللقاء من خلال الوسائل الإعلامية الأميركية والإسرائيلية يثبت أن عبارة «مخيب للآمال» هي من قبيل التخفيف، وربما تكون عبارة «خطير» أقرب إلى الدقة.

فكيف تحرز المبادرة العربية أي نجاح، وكيف تتعامل معها القيادة الإسرائيلية بأي درجة من الجدية ما دامت أولوية الرئاسة الفلسطينية منسجمة تماماً مع الأولوية الإسرائيلية والأميركية في تصفية المقاومة الوطنية المسلحة؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات