السبت 20/أبريل/2024

الحلقة الأخيرة في تهويد القدس

الحلقة الأخيرة في تهويد القدس

تتكشف يوما بعد يوم المخططات الاسرائيلية لاستكمال المشروع الاحتلالي الإحلالي الاستيطاني في الارض الفلسطينية التي عانت وتعاني من وطأة هذا الغزو المبرمج الذي لم يكن يوما الا ليهدف الى إحداث التغيير في البنية الجغرافية والسكانية والمساس بالهوية الدينية والتاريخية للسكان العرب قي فلسطين .

فمنذ بواكير الاحتلال الاسرائيلي للقدس العربية سنة 1967 باشرت اسرائيل وهدمت حي المغاربة في القدس القديمة وهي القدس المسورة التي لا تزيد مساحتها عن ألف دونم، فبعد بضعة أيام من احتلال القدس قام الإسرائيليون بتدمير حي المغاربة الذي يضم (135 بيتا ومسجدين) وجعله ساحة لعبادتهم مقابل حائط البراق .

كما سيطروا على كل حارة الشرف (الحي اليهودي)، واحكموا قبضتهم على الحي الأرمني، وتغلغلوا في الحي المسيحي (خصوصا بعد سيطرتهم على دير مار يوحنا الكبير سنة 1992)، وتمكنوا حتى الآن من وضع اليد على سبعين بؤرة سكنية غير شرعية في الحي الإسلامي في القدس، والان يزيد عدد المستوطنات في القدس العربية على 30 مستوطنة. . فاسرائيل بذلك كما يعلم العالم بأسره تخالف ما جاء في كل المواثيق والاعراف الدولية القانونية والاخلاقية وخصوصا قرارات مجلس الأمن 446 و465 و471 التي تقضي بتفكيك المستوطنات، وهو ما أشار إليه كذلك تقرير لجنة ميتشيل التي دعت إلى أنه على حكومة إسرائيل تجميد جميع النشاطات الاستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات القائمة.

الى جانب سياسة تفريغ الارض المقدسية من سكانها العرب لا سيما المسيحيين منهم بصورة لافتة، والاهم والاخطر هو موضوع استمرار الاعتداءات والمساس بالمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس بصورة سافرة ، فالاعتداءات التي طالت الحرم القدسي في عامي 2004-2005 تفوق في عددها كثافة الاعتداءات التي تعرض لها الحرم الشريف على مدار العقود الثلاثة التي رزحت فيها المدينة تحت وطأة الاحتلال، مما يؤشر بأهمية بالغة ان المقدسات الاسلامية في القدس باتت هدفا مركزيا تسعى اوساط داخل إسرائيل بعلم وربما بدعم السلطات الاسرائيلية الرسمية للنيل من المقدسات والاعتداء عليها لاستكمال حلقات تهويد القدس العربية الشرقية التي لم يعد يخفى على أحد خطورة ما يجري.

أما الحديث مؤخرا أن اسرائيل قامت بحفر أنفاق منذ مطلع هذا العام أسفل السجد الاقصى وأن هذا من شانه ان يهدد قواعد وأساسات المسجد ويجعله عرضة للخطر ، فهذه المخططات ليست جديدة إذ ان اسرائيل يبدو انها حفرت انفاقا تحت الاقصى منذ 1996، وأدت الى إشعال الغضب والحقد في حينه ، وفي مفاوضات كامب ديفيد 2 في الولايات المتحدة أصرت حكومة ايهود باراك خلال المفاوضات على موضوع القدس على طرح فكرة التفاوض على الحرم القدسي باعتبار أحقية اليهود الدينية ومكانة بعض المعالم عندهم بحيث اعتبروا أسفل الحرم منطقة يفترض ان تكون تحت السيادة الاسرائيلية في حين يجري ترتيبات بشأن منطقة الحرم فوق الارض . بمعنى ان اسرائيل لم تخف اطماعها ومخططاتها بالنسبة للحرم القدسي على نحو يؤكد أهمية هذا الموضوع بالنسبة لهم سياسيا وتاريخيا ودينيا.

والان لدى اسرائيل نية مبيتة لهدم طريق باب المغاربة وغرفتين ملاصقتين للاقصى تمهيدا لبناء جسر علوي جديد فى منطقة الجدار الجنوبي فى المسجد الاقصى المبارك،الامر الذي يمس المسجد الاقصى مباشرة.

وكانت جمعية يهودية أخرى تدعى عطيرات كوهنيم قد شرعت قبل أسابيع في بناء كنيس يهودي على أرض وقفية في البلدة القديمة من القدس تبعد 50 مترا فقط عن المسجد الأقصى، كما قامت بإجراء حفريات عميقة تبعد أمتاراً عن الجدار الغربي للمسجد.

في القدس الشرقية هناك أكثر من 30 مستوطنة وحواجز وجدار فصل عنصري يعزل القدس عن باقي الضفة الغربية ويقطعها الى شطرين شمالي وجنوبي والواقع الديموغرافي محزن للغاية إذ أن 4% المتبقية من مساحة القدس الشرقية هي التي يستطيع أن يعيش فيها أكثر من 230 ألف فلسطيني، والحصول على رخصة بناء بيت هو حلم يحتاج نحو خمس سنوات مع مصاريف تصل إلى 25- 30 ألف دولار أميركي، وهو إنجاز لا يحصل إلا نادرا.

ان اسرائيل بإجراءاتها وإعتداءاتها تخالف قرارات اليونسكو التي اعتبرت القدس على أنها مدينة عربية وصنفت ضمن لائحة التراث العالمي المهدد بالخطرمنذ عام 1983م ، الى جانب أن احتلال اسرائيل للأرض العربية غير شرعي استنادا لقرارات مجلس الامن رقم 242و338 والاهم من ذلك هو قرارالجمعية العامة في الامم المتحدة رقم (181) الذي اوصى باقامة كيان منفصل )Corpus Separatum( في القدس يدار من خلال مجلس وصاية من الامم المتحدة.

كما ان اسرائيل لا تحترم ما تم الاتفاق عليه مع الاردن بخرقها للمعاهدة الاردنية الاسرائيلية والدور التاريخي للاردن الذي نصت عليه المعاهدة لحماية الاماكن الاسلامية المقدسة في القدس والذي تضمن كذلك تسهيل حرية العبادة الامر الذي لم يحصل بدليل حرمان المصلين من الوصول الى أماكن العبادة سواء الاسلامية والمسيحية.

* صحيفة الرأي الأردنية 10/2/2007

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات