الجمعة 19/أبريل/2024

نداء الأقصى.. صرخة أخرى في واد سحيق

نداء الأقصى.. صرخة أخرى في واد سحيق

تتعرض أمتنا اليوم لمحن وابتلاءات عديدة ؛ طالت كافة مكوناتها إنساناً وأوطاناً ومقدسات، ولربما كان نصيب مقدسات هذه الأمة من الانتهاكات الأعلى في التاريخ.. بحيث لم يبق لها مقدس إلا وناله شيء من انتهاك أو تدنيس أو تدمير؛ ( ففي فلسطين وحدها هناك 1400 مسجد حولها اليهود إلى دورات مياه واصطبلات منذ احتلال فلسطين عام 1948 وحتى عام 2000) … والمسجد الأقصى لم يكن أوفر حظاً بل ناله من صنوف الاعتداءات والانتهاكات نصيب كبير!!

فالأطماع الصهيونية بهذا الحرم القدسي قديمة قدم الحركة الصهيونية .. وما الاستهدافات المتكررة بأنواعها وأشكالها المتعددة إلا إعمال لاستراتيجية صهيونية لتدميره وإقامة الهيكل المزعوم في مكانه .. وهي أطماع معلنة لمن أراد أن يتدبر ويستعد.. فهذا تيودور هيرتزل يقولها بلسان عبري مبين ..« إذا حصلت يوماً على مدينة القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فلن أتوانى لحظة عن إزالة كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود وسوف أدمر كل الآثار التي مرت عليها قرون» .. كذلك فإن المؤرخ اليهودي «إسرائيل ألداد» قد أكد هذه الاستهدافات التدميرية للمسجد الأقصى حين قال «إن على إسرائيل أن تبني الهيكل في موقعه الأصلي» وعندما سئل كيف يمكن أن يحصل هذا أجاب: «من يعلم من الممكن أن تحدث هزة أرضية أو أشياء أخرى يمكنها ًأن تغير كل شيء» ..

إن الاستهداف المتكرر والمتلاحق للأقصى إنما يمثل «مرحلة من مراحل المشروع الصهيوني التوسعي الاستيطاني.. فالأخطار المحدقة به تزداد وتيرتها بمرور الأيام والمخطط الإسرائيلي باستباحته وتدمير المعالم الإسلامية فيه ومن حوله، وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه تتواصل .. لقد كشف « خليل التفكجي» مسئول الخرائط في بيت الشرق، عن وجود مخطط صهيوني لإقامة مدينة سياحية، أسفل الحرم القدسي، في مدينة القدس المحتلة.. ويكفي أن نشير إلى أن هناك (24) تجمعاً يهودياً يسعى لوضع قبضته على المسجد الأقصى.

وعليه فإن عمليات هدم طريق المغاربة المؤدي إلى المسجد الأقصى الجارية اليوم إنما تأتي في إطار عملية التهويد المنظمة منذ سنوات والتي كان آخرها بناء كنيس ومتحف يهودي أسفل المسجد الأقصى، فضلاً عن إزالة مقبرة «مأمن الله»..

إن إسرائيل غير معنية بترهات مايسمى بالقانون الدولي ..أو المجتمع الدولي .. أو الشرعية الدولية … فالممارسات العدوانية التي تقوم بها ، هي بكل المقاييس القانونية والمعايير التاريخية والموازين الأخلاقية، أعمال إجرامية ضد القانون الدولي، وضد الشرعية الدولية المتمثلة في قرارات مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة والقرارات الصادرة عن المؤتمرات الدولية ذات الصلة، ومنها المؤتمر العام لليونيسكو، وضد الإنسانية بصورة عامة، على اعتبار أنّ المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، تراث إنساني رفيع المستوى بقدر ما هي أماكن للعبادة، أو مواقع للاعتبار، أو مواضع تخلد ذكريات دينية تمثّل جزءاً من التاريخ الديني للمنطقة.

ورغم كل ذلك ورغم خروج كل مخططاتها على كل شرعية فإن «إسرائيل» لم تتوقف يوما واحدا عن تنفيذ مخططاتها السرية منها والعلنية .. وهي في كل مرحلة إنما تنتظر اللحظة السياسية المناسبة للسماح لتلك المخططات بالتنفيذ على الأرض .. وهي اليوم ربما وجدت في حالة الاقتتال الفلسطيني من جهة ، وفي العجز العربي من جهة أخرى اللحظة السياسية المناسبة لفرض تهويد المزيد من الأماكن المقدسة..ناهيك عن أنها لحظة مناسبة للرد العملي على بادرة إعادة منبر صلاح الدين إلى المسجد الأقصى ، وإجهاض الأمل ..وإفراغ هذا الإنجاز من رمزيته التاريخية من حيث ارتباطه بالتحرير !!

فأين العرب ؟

أو ليس من العار والإثم أن يتحمل الفلسطينيون وحدهم مسؤولية حماية المسجد الأقصى والتصدي باللحم الحي للموجات التدميرية المنهجية الصهيونية ؟

فماذا نحن فاعلون غير الشجب والتنديد؟ وهل تتحرر الأوطان والمقدسات بالشجب والتنديد ، والمطالبة بانعقاد مجلس أمن منزوع الأمن والأمان ؟

وهل ننتظر الإنصاف من مجتمع دولي ديدنه التواطؤ المرة تلو الأخرى على تدميرنا شعوباً وأوطانًا وكيانات سياسية؟؟

ونسأل كل من لا زال على قيد العزة بالإثم .. وترويج خرافة التحرير بالتفاوض أن يهدوا إلينا وصفتهم السحرية في تحرير المقدسات أو حتى الدفاع عنها بدون مقاومة مسلحة؟

آما آن لهذه الأمة أن تصحو من غيبوبتها؟؟

وهل سيؤول نداء الأقصى اليوم إلى واد سحيق كسابقاته؟ .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات