أيهما أبكي . . جامعتي أم أقصاي ؟!

تأبى الدموع أن تفارق المآقي وهي ترى الذلة والهوان الذي يغرق فيه أتباع محمد صلى الله عليه وسلم _ إلا من رحم ربي _ حتى تجرأت عليهم أمة ملعونة مغضوب عليها ألا وهم اليهود وأمة ضالة لا تدرك الحقائق العلمية والدلائل الكونية ولا تتدبر الصفات النبوية الساطعة بنورها على أرجاء الكون ألا وهم النصارى.
فقد تابعت على شاشة التلفاز مشاهد التحريق والتدمير التي طالت جامعتي الإسلامية وقلبي يحترق مع النار الموقدة التي تأكل منارة العلم والعلماء والدخان المتصاعد من مبانيها يطبق على صدري فأشعر بالاختناق وكأني أجلس بين جدرانها أتلقى العلم من أساتذتي الأفاضل.
فتراءت الذكريات أمام ناظري وأنا أجلس تحت ظلال الأشجار الوارفة مع زملائي الطلبة نستظل بظلها ونتحدث عما يهمنا وأحيانا نتدارس المعلومات التي تحصلنا عليها في قاعات المحاضرات.
لقد كنت شاهدا على مرحلة متوسطة من الناحية العمرانية بين القاعات الأرضية التي جاءت بعد مرحلة الخيام وبين التطور العمراني الذي تعاظم بعد تخرجي من هذه الجامعة العملاقة بسنوات متصلة. كنا في تلك الأيام ننظر إلى مستقبلها ومستقبلنا بعيون مفتوحة مليئة بالأمل والرجاء وكم شعرنا بالترابط الوثيق مع جامعتنا الإسلامية كهيئة تدريسية وكقلعة شامخة تبث النور في أرجاء الوطن وتسابق الجامعات العربية والعالمية.
في أروقتها الهادئة التزمنا مقاعد الدراسة لنتعلم علوم الصحافة والإعلام، وتعرفنا على عقيدة المسلم الصحيحة والتي لا يكون مسلما إلا بها، وفقه العبادات لنعبد الله كما يحب، وعلوم القرآن الكريم لنتدبر معاني الآيات ونفهمها على الوجه الصحيح، وعلم الحديث النبوي الشريف، وحاضر العالم الإسلامي كي نتحصن من حملات الغزو الفكري التي يبثها أعداء أمتنا الداعمين لأعدائنا الصهاينة وبلغة عربية متقنة.
ولم أكن أدري بأن قلبي متعلق بالجامعة الإسلامية إلى هذا الحد فكأنني أحترق ويذوب لحمي وتتهشم عظامي وهي تهوي بفعل الآثمين الذين تركوا بصماتهم بجلاء ووضوح على الجدران وإمعانا في الإهانة لمشاعر المسلمين اقتحموا هذا الصرح العلمي الكبير وقت انشغال الناس بأداء صلاة الجمعة.
ولما ذهبت إلى الجامعة الإسلامية ورأيت الدمار الهائل والكبير تذكرت أنه ” وما راءٍ كمن سمع ” فالمشاهد يعجز اللسان عن وصفها ويجف الحبر قبل حصرها وتنبعث الدموع من المآقي رغم الأنوف حتى أن أحدهم تسمرت قدماه من هول ما رأى فجلس يلتقط أنفاسه.
وهناك رأينا آثار الكتب المحترقة والتي لم يفعلها عبر التاريخ سوى المغول والتتار ولا أشبه هؤلاء بأولئك فالتتار أمة ذات حضارة غزت العالم لنشر ثقافتها وحضارتها وأحرقت كتب المسلمين لأهداف يرغبون في تحقيقها لصالح معتقداتهم وثقافتهم أما هؤلاء فقوم يكرهون أنفسهم ويحقدون على مجتمعاتهم ويخدمون عدوهم بلا وعي أو هدف.
وانتقلت لأشاهد قاعة المؤتمرات الكبرى التي هي واحدة من أربع على مستوى الشرق الأوسط والأولى في فلسطين وعند غرفة الضيافة كان أحدهم يرشد الزوار المتلهفين أسى وحزنا على ما ألم بالجامعة والذي قال لنا في هذه الغرفة أكرمت إدارة الجامعة الإسلامية محمود عباس عندما حلّ ضيفا عليها لدى افتتاح مبنى إدارة الجامعة.
الغرفة المذكورة متفحمة بصورة كبيرة وكم وودت في تلك اللحظات لو أنها احترقت وهذا المدعو محمود عباس جالس فيها حتى لا تبقى له جثة تدفن في مقابر المسلمين، كيف لا وحرس الرئيس هم من أوقدوا النيران فيها، وتركوا توقيعاتهم على الجدران استهانة بالعلماء والمتعلمين.
لا أدري ماذا أقول من هول الفاجعة وبم أعبر عن إخلاصي لجامعتي الإسلامية وكيف لي أن أرد بعضا من فضائلها عليّ وهي المؤسسة التعليمية التي ما بخلت عليّ يوما من فيض أنوارها الموسعة للأذهان، المنيرة للأفهام، المرشدة للإنسان . .
وما أن أدركت حجم الكارثة التي أحاقت بالجامعة الإسلامية بغزة حتى صفعت بلكمة قوية كغيري من المسلمين في شتى أنحاء العالم وجرافات العدو الصهيوني تتوجه منذ ساعات الصباح الباكر لتبدأ فعلياً في المخططات المعدة لهدم المسجد الأقصى المبارك.
فقد طالعتنا وسائل الإعلام بأخبار تفيد أن جرافات الاحتلال الصهيونية واصلت يومي الثلاثاء والأربعاء 6-7/2/2007 ، هدمها لطريق باب المغاربة بهدف الوصول إلى هدم غرفتين من المسجد الأقصى المبارك ملاصقتين للجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك.
وأشارت مؤسسة الأقصى لاعمار المقدسات الإسلامية أن عملية الهدم تجري اليوم بوتيرة أقوى مما كانت عليه يوم الثلاثاء، حيث تقوم جرافتان كبيرتان بمواصلة الهدم لليوم الثاني على التوالي بالإضافة إلى شاحنة كبيرة لنقل الأتربة والأحجار الأثرية من تاريخ الإسلام العريق في منطقة باب وحي المغاربة .
ويرابط الشيخ رائد صلاح – رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني – والشيخ كمال خطيب – نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني – منذ ساعات صباح الأربعاء الباكرة قبالة باب المغاربة ، حيث منعتهما القوات الصهيونية من دخول منطقة الهدم والحفريات ، في حين أغلقت قوات كبيرة من الشرطة الصهيونية مدينة القدس وحولت محيط المسجد الأقصى المبارك إلى ثكنة عسكرية ومنعت من هم دون الخامسة والأربعين عاماً من دخول المسجد الأقصى المبارك .
نعم أيها القراء الكرام . . الوضع بالغ الخطورة والتهديدات الصهيونية والمخططات الإسرائيلية نزلت منزل التنفيذ وهنا أحمّل نفسي وكافة المسلمين في أنحاء العالم المسئولية عن هذا الهدم لأننا كأمة إسلامية عبرنا بطريقة خاطئة عن حبنا للمسجد الأقصى المبارك يوم أن كانت أعمالها إزاء القبلة الأولى تقتصر على العواطف والانفعالات النفسية.
وإنني أدعو كافة المسلمين في شتى مناحي الكرة الأرضية إلى الخروج من حالة الركود القاتلة والتعبير بصورة أكثر حيوية وأشد توضيحا لكون بيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك جزءاً هاما وركنا أساسيا من عقيدة كل مسلم موحد بالله.
وأقترح على قادة الحركات الإسلامية وخاصة في الأردن ومصر ولبنان وسوريا إلى الخروج بزحوف كبيرة نحو الحدود مع فلسطين المحتلة والتعبير عن الغضب الذي يسرى في النفوس لانتهاك حرمة المسجد الأقصى المبارك والاستهانة بواحد من أهم مقدسات المسلمين.
وأدعو الجماهير المسلمة المحبة لدين الله الصادقة في حبها لمحمد صلى الله عليه وسلم أن تستنفر رغم أنوف الحكام الظالمين وأن تخرج عن صمتها وتسلك كل سبيل للوصول إلى فلسطين لمقاتلة اليهود وإخراجهم بالقوة وإعادتهم إلى البلدان التي جاؤوا منها وذلك لحماية المسجد الأقصى المبارك من تدمير متوقع.
وإزاء ما يجري على أرض فلسطين المباركة من انتهاك لحرمات المساجد بدءا بمسجد الهداية وما تبعه من بيوت الله، ومرورا بالمؤسسات التعليمية العملاقة الجامعة الإسلامية ووقوفا أمام الخطر الذي يتهدد المسجد الأقصى متزامنا مع إحراق الجامعة فإنني لست أدرى أيهما أبكي . . جامعتي أم أقصاي؟!.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

45 شهيدًا بمجازر إسرائيلية دامية في مخيم جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 45 مواطنًا على الأقل وأصيب وفقد العشرات - فجر اليوم- في مجازر دامية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما...

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...