الجمعة 19/أبريل/2024

إصلاح وهمي .. فتح لا تزال تعيش أزمة داخلية وتعجز عن عقد مؤتمرها السادس

إصلاح وهمي .. فتح لا تزال تعيش أزمة داخلية وتعجز عن عقد مؤتمرها السادس
كشفت دعوة محمود عباس رئيس السلطة لإجراء انتخابات مبكرة، وما تلاها من تداعيات وتأييد البعض لتلك الدعوة ورفض قطاع كبير من الفلسطينيين في الداخل والخارج لها، عن حجم الأزمة التي تعيشها حركة “فتح”، والتي ظهرت منقسمة في تعاطيها مع دعوة قائدها العام.

ففي حين أيد إعلان عباس قيادات وأعضاء حركة فتح في الداخل، عارضه أهم شخصية في قيادات “فتح” في الخارج، وأمين سر لجنتها المركزية، فاروق القدومي، والذي شن هجوماً على عباس بعد أن قال الأخير أن القدومي يحصل على دعم من إيران، وهكذا اشتعلت من جديد جبهة عباس – القدومي، لا سيما بعد تنصيب الأخير قائداً عاماً لحركة فتح من قبل مجلسها الثوري المنعقد في مدينة رام الله.

تصريحات ديسكن

وما زاد الطين بلة، وأظهر حجم الأزمة التي تعيشها حركة فتح، موجة ردود الفعل من قبل بعض  قياديي “فتح” رداً على أقوال لرئيس المخابرات الصهيوني يوفال ديسكن، الذي قال إنه في حال جرت الانتخابات اليوم للسلطة الفلسطينية، فإن احتمالات حركة فتح في الفوز هي قريبة من الصفر، نظراً لكون أجهزتها في حالة صعبة، وأضاف: “في حال جرت الانتخابات فمن المتوقع أن تحقق حركة حماس نصراً ساحقاً”.

وقال سمير نايفة الناطق باسم “فتح” في طولكرم رداً على تصريحات ديسكن: “إنها تصريحات خبيثة وتهدف على المدى القريب إلى بث الرعب في صفوف قادة وكوادر حركة “فتح”، وزرع ثقافة اليأس في صفوفهم ومن ثم الارتداد على قيادتهم التاريخية”.

ويبدو أن ما قاله ديسكن، بغض النظر عن مدى دقته، نكأ جروحاً لم تندمل في صدور كوادر حركة فتح، وبالإضافة إلى نايف، قال عضو المجلس الثوري للحركة جبريل الرجوب إنه يجب أن تستفز تصريحات ديسكن قيادات فتح للعمل على إصلاح الحركة، وهو ما يبدو اعترافاً ضمنياً من الرجوب بأن حركة الإصلاح لم تبدأ في فتح حتى هذه اللحظة، وهنا يطرح المراقبون سؤلاً وهو متى يمكن أن يبدأ إصلاح فتح؟.

إصلاح وهمي

بالرغم من الحديث المتكرر من قبل بعض قيادات حركة “فتح” عن ضرورة إصلاح حركتهم، ووجوب مولدها من جديد، وغيرها من الشعارات التي تبعث على التفاؤل، إلا أنه على أرض الواقع لم تشهد الحركة أي عملية إصلاح جذري وحقيقي، لا سيما بعد هزيمتها الساحقة في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

ولم تستغل فتح فترة وجودها خارج السلطة في إعادة بناء تنظيمها الداخلي، وانشغلت بمناكفة الحكومة التي شكلتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.

ولا تزال حركة “فتح” تعاني من مشكلة في قاعدتها التنظيمية؛ فمنذ سنة 1989 لم تنجح في عقد مؤتمرها العام السادس، كذلك لم تجر انتخاباتها الداخلية (البرايمرز) المخصصة لاختيار من يمثلها في المجلس التشريعي في أواخر 2005، حيث حدثت خلافات كبيرة حول مرشحي الحركة في ذلك الوقت.

وفي الوقت الحالي، تحاول الحركة إعادة عملية الحصر التنظيمي لأعضائها وإجراء انتخابات داخلية في المناطق، تمهيداً لعقد المؤتمر السادس، وتجري هذه العملية ببطء شديد، وبينما نجحت انتخاباتها الداخلية في مناطق صغيرة ومحدودة فشلت في مناطق أخرى.

ويرى مراقبون أنه من الصعب الوصول إلى عقد المؤتمر السادس للحركة، حيث ما تزال هناك مشاكل وعوائق كثيرة تواجه القائمين على إعادة ترتيب أوضاع الحركة الداخلية، كما أن هناك صراعاً خفياً مستعراً بين أقطاب عدة في قيادة الحركة وخلافات أخرى على المناطق في قاعدتها.

وفي الوقت الذي لا تستطيع فيه فتح عقد مؤتمرها السادس، عبّر كثير من المراقبين عن استغرابهم من إعلان رئيس السلطة إجراء انتخابات مبكرة، مؤكدين أنه في ظل الأوضاع التي تعاني منها فتح، فإنه من المؤكد أنها ستخسر في حال إجراء هذه الانتخابات لو سارت بطريقة نزيهة.

وحدة آنية

وبشكل معاكس لكل التحليلات السياسية والتنظيمية لواقع حركة فتح؛ فإن هناك من يرى أن الحركة استعادت عافيتها ووحدتها، وذلك في مواجهة حركة حماس، وليس أدل على ذلك، كما يقولون، المسيرات الكبيرة لأنصار الحركة، والتي انطلقت من بعض المناطق تأييداً لقادتها وفي مقدمتهم رئيس السلطة محمود عباس ، بالإضافة إلى ذلك يقول بعض كوادر “فتح” أن هناك اتجاهاً لتوحد الأجنحة العسكرية للحركة، وهم بذلك لا يعترفون بالأجنحة العسكرية الخمسة، التي بايعت فاروق القدومي.

وهنا يبدو أن الأمر مبالغ فيه، حيث أن الحديث عن وحدة الحركة وأجنحتها العسكرية ليس واقعياً،  فهناك أجنحة عسكرية تضم الآلاف لا تخضع للقيادة السياسية الحالية للحركة ، وهي كتائب شهداء الأقصى – المجلس العسكري، كتائب أحمد أبو الريش سيف الإسلام، كتبة المجاهدين – كتائب  التوحيد، وتلك وغيرها هي التي بايعت فاروق القدومي وأيدت مواقفه في رفضه للانتخابات المبكرة، كذلك هناك أجنحة عسكرية أخرى ليست في إطار اللعبة مثل كتائب شهداء الأقصى – مجموعات الشهيد أيمن جودة، والتي نفذت في أوقات سابقة عمليات مشتركة مع كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”.

كذلك يلاحظ المتتبع للشأن الداخلي لحركة فتح، أنه حتى الأجنحة العسكرية التي ما تزال تعتبر نفسها تابعة لبعض المتنفذين في حركة فتح، فإنها أيضاً ليست متوحدة عملياً ولا تجمعها إلا المواجهات الداخلية ضد حركة حماس.

وعلى مستوى القيادة العليا؛ فإنه لا تزال هناك أقطاب في اللجنة المركزية لا يعجبها تصرف بعض المتنفذين في حركة فتح، ومن بين هؤلاء هاني الحسن، عباس زكي، صخر حبش الذي غيبه المرض في الفترة الأخيرة، وليس أدل على ذلك إلا ما قاله الحسن من أن فتح لن يجرها (المتأسرلون) لحرب أهلية، وكان يقصد بذلك عضو المجلس الثوري في الحركة محمد دحلان، الذي كان قد صدرت منه تصريحات تهاجم الحكومة الفلسطينية وحركة حماس.

وحسب المراقبين؛ فإن ما يعتقده البعض من وحدة صف “فتح” هو أمر آني فقط، جاء لشعور كوادر فتح بأخطار المواجهة مع حركة حماس، وإن أي عملية إصلاح في فتح تحتاج إلى نوايا وجهود حقيقية، وهي غير متوفرة حتى الآن.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات