الجمعة 29/مارس/2024

الأغوار: عزل إسرائيلي دون ضجيج

الأغوار: عزل إسرائيلي دون ضجيج
خفتت التصريحات الإسرائيلية، التي أكدت على عزل الغور عن الضفة الغربية، لكن الإجراءات على الأرض مستمرة بزخم متنام.
فبعد الحرب على لبنان خلال الصيف الفائت، وتعثر الخطط السياسية لحزب “كاديما” الإسرائيلي، الذي يقوده رئيس الوزراء أيهود اولمرت، خفت حدة الوعيد الذي أطلقه أقطاب هذا الحزب بعزل الغور نهائياً في إطار خطة الانطواء التي دخل على أساسها الحزب الناشئ الانتخابات الأخيرة، لكن ما جرى عملياً، هو الاستمرار في عزل هذا الشريط الغائر في الأرض المغلق منذ ست سنوات.

ويقول سكان الغور: إنه لا تغيير على حال المنطقة، سوى أن الجيش الإسرائيلي عزز من إجراءاته في إطار عملية العزل المستمرة، وهذه المنطقة التي تشكل 30% من الضفة الغربية، (2400 كم مربع) معزولة الآن عن الضفة الغربية جغرافياً.

فمنذ ست سنوات، يمنع سكان الضفة الغربية من دخول المنطقة عبر الحواجز المنتشرة في محيطها، والتي تطبق على الغور كما يطبق الكف على الرقبة، وإسرائيل التي لم تعلن رسمياً وصراحة عن تطبيق عدد من الإجراءات العسكرية التي تحرم الدخول إلى الغور، ماضية في تطهير المنطقة من السكان، وكثيراً ما زعم الجيش الإسرائيلي أن تلك الإجراءات هي روتينية لكن مسؤولين ضمنهم أجانب أكدوا فصل الغور.

فغداة اندلاع انتفاضة الأقصى العام 2000، سعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى فرض كل إجراء يعزز السيطرة على المنطقة وضرب الاقتصاد الزراعي فيها، لكن الاستعمار الزراعي الفعلي بدأ منذ العام 1967، وتزامن ذلك مع قيام الجيش الإسرائيلي، بسلسلة من عمليات الطرد والتهجير التي طالت عشرات المواطنين خلال العامين المنصرمين.

وسعى سكان المنطقة التي تشمل أهم تجمعين حضريين، وهما طوباس وطمون، خلال العام الجاري إلى إدراك الوضع المتداعي الذي يتهدد خسارتهم لكل أراضيهم الغورية، إلى تنفيذ عدة احتجاجات ضد الإجراءات الإسرائيلية، لكن ذلك كما يقولون كان يجابه بردود أفعال إسرائيلية تضمنت هدم بسطات للخضار وبيوت الخيش التي يعيش فيها رعاة المنطقة، وأمنياً تتعامل إسرائيل مع المناطق الغورية معاملة أراضي عام48.

واليوم، وبعد مرور سنة تقريباً على التهديدات التي أطلقها اولمرت، والتي تقضي بعزل المنطقة، يعيش السكان أسوء أوقاتهم، فلا أحد من الضفة الغربية بإمكانه الآن دخول المنطقة بذريعة تطبيق “قانون الهوية”، والذي يحرم على أي مواطن لا تشير بطاقة هويته إلى أن منطقة سكانه إحدى قرى الغور من عبور الحواجز.

وحتى سكان الغور أنفسهم الذين لا يخضعون لهذا القانون، يجدون صعوبات بالغة في التحرك على الحواجز بسبب ما تعلن عنه سلطات الاحتلال من إجراءات استثنائية ضمن ما تزعم أنها ضرورات أمنية تفرضها في الأعياد اليهودية.
وفي فترات الأعياد يغلق الغور نهائياً تزامناً مع إغلاق أراضي الـ 48 وحتى من يحملون التصاريح يمنعون من الحركة، وكأنما لا يكفي سكان المنطقة آلاماً.

وفي الطريق إلى الغور عبر شارع 90 لا توجد أي إشارة تدل على أن إسرائيل تريد الانسحاب من أخصب الأراضي المحاذية لنهر الأردن، وهي شريط يمتد من جنوب أريحا إلى حدود أراضي عام 48، فالإشارات المكتوبة باللغة العبرية، والتي توجه المار من المنطقة إلى المستعمرات الزراعية الممتدة على طول الطريق، تشي بحجم الكارثة التي حلت بالمنطقة.

وعلاوة على آلاف الدونمات التي زرعها المستعمرون اليهود بأشجار النخيل، هناك عشرات المنشآت الزراعية التي تزرع بالفواكه والخضار، وتصدر تحت شعار “أنتج في غور الأردن”، وهناك مزارع الأبقار والدواجن والمدارس الدينية، لكن المزارعين الفلسطينيين وجدوا أنفسهم في وسط هذا المحيط الكبير من المستعمرات كالمتعلق بالقشة وهو يغرق، خاصة وأنه يوماً بعد يوم تزداد الإجراءات الإسرائيلية صرامة، لكن دون ضجيج إعلامي يحدثه أقطاب الحكومة الإسرائيلية الغارقين في مشاكلهم.

وكيفما تحرك السكان في المنطقة بحثاً عن رزقهم، فإنهم يجابهون بتلك الإجراءات والتي تهدف إلى الضغط عليهم بهدف ترحيلهم، فمنذ أسبوعين شن الجيش الإسرائيلي هجوماً على مضارب رعوية تقع على الأطراف الغربية لمنطقة الغور، وحذروا السكان هناك من البقاء في المنطقة.

ويقول هؤلاء: إن محاولات الطرد لم تتوقف منذ سنوات، لكن السكان لن يجدوا سبيلاً آخر إذا ما أرادوا الانتقال من مضرب إلى آخر إلا مواجهة هذه الإجراءات، لأن رحيلهم يعني إفراغ المنطقة من الوجود الفلسطيني، وطالما حذر القادة السياسيون من أن لا دولة فلسطينية دون القدس والغور.

وفي واقع الحال، حدث خلال السنوات الماضية، أن هجر عدد كبير من العائلات الرعوية مناطق سكانهم في أعالي السفوح الجبلية المطلة مباشرة على نهر الأردن، بعدما حذرهم الجيش الإسرائيلي من أن بقاءهم فيها يقع تحت طائلة إطلاق النار، والآن خلت مناطق كالسويداء وقطوة ومكحول من السكان إلا بعض العائلات التي لاذت إلى الواديان درءاً لمخاطر متوقعة من الجيش الإسرائيلي.

وخلال العام الجاري، تحدث محللون إسرائيليون وفلسطينيون عن أن ما يجري في منطقة الغور هو ترسيم إسرائيل لحدودها ضمن خطة الترسيم التي أعلن عنها أولمرت، بيد أن هذا الترسيم الذي تواصل إسرائيل تنفيذه الآن يتم دون ضجيج تصريحات السياسيين والعسكريين الإسرائيليين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

36 شهيداً في عدوان إسرائيلي على ريف حلب

36 شهيداً في عدوان إسرائيلي على ريف حلب

حلب - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام سورية بارتقاء 36 شهيداً في غارات إسرائيلية استهدفت أهداف في ريف مدينة حلب منتصف الليلة الماضية....