العراق.. فلسطين الثانية!

هل تتبلور فعلاً «جبهة المقاومة الوطنية» في العراق وتثبت وجودها على الأرض؟
من المبكر أن نعرف الإجابة القاطعة على هذا السؤال، ولكن هل يبقى للشعب العراقي خيار غير المقاومة بعد أن وقعت أرضه تحت احتلال قوة أجنبية استعمارية؟ ولا نعلم إن كانت «جبهة المقاومة الوطنية» قد أنشئت بالفعل كتنظيم مظلي يضم عدداً من فصائل المعارضة العراقية. كل ما نعلمه أن أحد قادة المعارضة البارزين – عبد الأمير الركابي من «التيار الوطني الديمقراطي» – أعلن عن قيام الجبهة من خلال مقابلة مع فضائية أبوظبي «لمواجهة الاحتلال الأميركي».
ودعا الركابي كافة القوى وجماهير الشعب العراقي إلى مقاطعة أي حكومة احتلال أو أية حكومة تقام تحت الاحتلال. وطالب الركابي أيضاً كافة المراجع الشيعية والسنية وكل الطوائف بإصدار فتاوى تحرم التعامل مع أي حكومة احتلالية. وأعرب عن اعتقاده بأن القوات الأميركية سوف تخرج من العراق بالقوة.
هي إذن دعوة ؟إلى كفاح شعبي مسلح.. أو معارضة داخلية للوضع الاحتلالي بكافة الأساليب بما في ذلك أسلوب الكفاح المسلح. فما هو مدى النجاح المتاح لمشروع نضالي عملاق كهذا؟
إن أولى الملاحظات التي يمكن إبداؤها في هذه المرحلة المبكرة هي ما إذا كان تنظيم «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق» يتجاوب مع هذه الدعوة. فهذا التنظيم يمثل غالبية الشعب العراقي.. وثانياً، هو التنظيم المعارض الوحيد الذي لديه قوة ضاربة – أي أجهزة أمن مسلحة – (إذا استثنيا المعارضة الكردية في الشمال العراقي بفصيليها)، علاوة على أنه يتمتع بدعم إيراني قوي. فأي مقاومة مسلحة لا يشارك فيها هذا التنظيم بقوته الضاربة لن تستطيع الصمود لوقت طويل. فماذا يقول قادة التنظيم؟
في أعقاب سقوط بغداد في أيدي القوات الأميركية الغازية وصدور دعوة من المسئولين الأميركيين إلى اجتماع للمعارضة العراقية تحت إشراف أميركي، أعلن حامد البياتي أحد قادة «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق» أن هذا التنظيم لن يشارك في الاجتماع المذكور، لأنه – أي الاجتماع – «جزء من خطة لتشكيل مجلس استشاري للحاكم العسكري الأميركي للعراق».
وأضاف: «نحن لن نكون جزءاً من ذلك المشروع على الإطلاق». ما يفهم من هذا التصريح أن «المجلس الأعلى» سوف يتخذ موقف معارضة حازمة ضد الوجود الأميركي في العراق، لكن علينا أن ننتظر لنرى خلال الأيام القلائل المقبلة ما إذا كان التنظيم سوف يلجأ أيضاً إلى العمل المسلح. في كل الأحوال فإن المنظمات العراقية التي تعارض الوجود الاحتلالي الأميركي في الأرض العراقية ستكون في سباق مع الزمن. فالسلطة الاحتلالية الأميركية التي يرأسها «الحاكم المدني» للعراق الجنرال المتقاعد (جاي غارنر) مكلفة بتنفيذ أجندة مصيرية تتكون من ثلاثة بنود أساسية هي:
– إلغاء تأميم صناعة النفط الوطنية العراقية تمهيداً لتسليمها بالكامل إلى كبرى شركات النفط الأميركية.
– تحويل بنية الاقتصاد الوطني العراقي بالكامل إلى نظام اقتصاد السوق.. أي تصفية هيكلة القطاع العام وإلغاء دور الدولة المهيمن على الاقتصاد.
– تحضير الظروف السياسية الملائمة لاعتراف العراق بـ”إسرائيل” وتطبيع العلاقات معها.
وما تحتاجه الولايات المتحدة من أجل تنفيذ هذه البنود الخطيرة هو أن يكون للحاكم الأميركي في بغداد واجهة «عراقية» مجلس وزراء صوري أو هيئة استشارية، حتى تبدو القرارات التي تصدر وتطبق وكأنها صادرة عن إرادة وطنية عراقية.
والذي سيدور في خلد الفصائل العراقية التي تعارض الاحتلال الأميركي هو الحيلولة دون تنفيذ هذه البنود.. مما لن يتسنى إلا بتبني نهج الكفاح المسلح في وقت مبكر قبل أن تترسخ أقدام الإدارة الاحتلالية الأجنبية وتصبح إحدى حقائق الوضع الداخلي العراقي. وإذا قام بالفعل تنظيم عراقي مظلي للدخول في مقاومة مسلحة، فإنه سوف يجد أن البيئة الإقليمية والدولية من حوله لصالحه. فبالإضافة إلى الدعم الإيراني المتوقع فإن من الشواهد المتوافرة الآن أن الغالبية العظمى للدول العربية سوف تتحرج من الاعتراف بالإدارة الاحتلالية الأميركية في بغداد. ومن ناحية أخرى فإن القوى الدولية المعارضة للحرب على العراق أصلاً والتي تعارض الآن سعي الولايات المتحدة للانفراد بحكم العراق، سوف تعارض أيضاً أي محاولة أميركية لاستصدار قرار أو قرارات من الأمم المتحدة تضفي شرعية على الإدارة الاحتلالية.
وإذن فإن المعركة التحررية الداخلية التي قد تخوضها فصائل من المعارضة العراقية ضد أي سيطرة سلطوية أميركية في العراق – صريحة كانت أم مغلفة – سوف تكون مدعومة بمعركة دبلوماسية على صعيد مجلس الأمن الدولي تشنها فرنسا وألمانيا وروسيا والصين على الولايات المتحدة وبريطانيا. والمعارضة العراقية ذات التوجه الوطني الخالص في سباق مع الزمن أيضاً، حتى لا يتحول العراق إلى فلسطين ثانية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذيرات من فرض وقائع تهويدية جديدة داخل المسجد الأقصى
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام حذر مراقبون ومختصون في شؤون القدس المحتلة من تدهور الأوضاع في المسجد الأقصى المبارك، جراء مخططات واقتحامات...

هآرتس: تمويل مشاريع استيطانية بالضفة تحت غطاء الزراعة والري
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن الصندوق القومي اليهودي، يقوم بتمويل مشروع استيطاني يستهدف الشبان...

وقفة بغزة تضامنًا مع الأسير كايد الفسفوس المضرب عن الطعام منذ شهرين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام شارك عشرات المواطنين في غزة، بوقفة تضامنية دعمًا للأسير كايد الفسفوس المضرب عن الطعام داخل سجون الاحتلال منذ شهرين،...

أجهزة السلطة تمدد اعتقال المهندس يزن جبر 15 يومًا
نابلس – المركز الفلسطيني للإعلاممددت أجهزة السلطة، اليوم الأحد، اعتقال المهندس يزن جبر رئيس فرع نقابة المهندسين في نابلس 15 يوما. واعتقل جهاز...

حماس: افتتاح نفق أسفل الأقصى جريمة لن تفلح في تغيير هوية القدس
غزة - المركز الفلسطيني للإعلامقالت حركة حماس، مساء اليوم الأحد، إن افتتاح سلطات الاحتلال لنفق أسفل المسجد الأقصى المبارك والترويج للهيكل المزعوم،...

1463 أسيراً إدارياً في سجون الاحتلال حتى نهاية سبتمبر المنصرم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلامارتفع عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال الصهيوني إلى 1463 معتقلاً، من بينهم 20 طفلاً و 4 أسيرات، خلال شهر...

18 اقتحاماَ لـ”الأقصى” و60 منعاً للأذان بـ”الإبراهيمي” في سبتمبر المنصرم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلاماقتحمت قوات الاحتلال الصهيوني والمستوطنون المسجد الأقصى المبارك بمدينة القدس 18 مرة، فيما منعت رفع الأذان 60...