الجمعة 19/أبريل/2024

هكذا نشأت القوة التنفيذية وهذه هي مهامها

هكذا نشأت القوة التنفيذية وهذه هي مهامها

اللقاء مع “أبي عبيدة جراح”، لا بدّ وأن يكون مطوّلاً، خاصة في هذه الظروف تحديداً التي تمرّ بها الساحة الفلسطينية. فجراح هو قائد القوة التنفيذية، التي أنشأتها وزارة الداخلية الفلسطينية، لمواجهة حالة الفلتان الأمني ومظاهر الفوضى التي عمّت الشارع، وقد برز دور القوة التنفيذية بوضوح في الأسابيع الأخيرة.
وعن ظروف تأسيس القوة التنفيذية ومبرِّرات ذلك، وعن نظمها وتقسيماتها وتدريباتها؛ يتحدث قائدها أبو عبيدة جراح في هذا اللقاء، الذي أجراه معه مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” في طهران، على هامش زيارة رسمية قام بها جراح إلى إيران، إلى جانب وزير الداخلية والأمن الوطني الفلسطيني سعيد صيام.

وفي ما يلي نص اللقاء ..

نشوء الفكرة وبروز الدور
– من هو أبوعبيدة جراح قائد القوة التنفيذية؟
أبو عبيدة جراح: أنا جمال اسماعيل داوود عبد الله، من مواليد 27/4/1965 بمعسكر جباليا، متزوج وأب لأولاد، خريج التوجيهية، دخلت الجامعة الإسلامية ودرست ساعات فيها ولكن اعتُقلت علی أيدي الصهاينة وقضيت ثلاث سنوات وعدة أشهر في سجون الاحتلال. وقد اعتُقلت لما يقارب خمس سنوات اعتقلت لدی السلطة الفلسطينية من العام 1996 حتی 2001، والتحقت بكتائب القسام في بداية تشكيلها، وانضممت لجماعة الإخوان المسلمين. وعندما تأسست حماس التحقت بها، ثم شاركت في الانتفاضة السابقة، ثم اعتُقلت من عام 1988 حتی 1991، ومارست العملية الجهادية حتي اعتقلتني قوات السلطة الفلسطينية عام 1996. 

– کيف نشأت القوة التنفيذية، ومن أين جاءت الفكرة من أين جاءت؟
أبو عبيدة جراح: عندما استلمت حماس الحكومة؛ كان من الضروري أن تكون وزارة الداخلية وزارة قوية، وقوة هذه الوزارة بقوة الأجهزة الأمنية. لقد جاءت وزارة الداخلية (الجديدة) فوجدت الأجهزة الأمنية ضعيفة، وسبب ذلك الضعف عدة أسباب، ربما وضع الاحتلال، وربما قصف المقرات، والوضع المادي الذي يعاني منه کل الشعب الفلسطيني. لقد وُجدت هذه الأجهزة ضعيفة، فيما تحتاج عملية إعادة بناء هذه الأجهزة إلی فترة طويلة حتی تؤدي واجبها علی أکمل وجه، فكان من الضروري إنشاء جهاز يكون مساعداً لهذه الأجهزة وداعماً لها حتی تنهض وتقوم بواجباتها.
وحتی تكون هذه الأجهزة قوية وتكون (وزارة) الداخلية قوية؛ يجب أن يكون القائمون علی هذه القوة أناس أوفياء ومخلصين ومجربين، کذلك في الميدان، فمن هذا الباب انطلقت، وكان التفكير في قيام هذه القوة، وبدأ التحضير والتجنيد لها، ونستطيع أن نقول إنّ القوة التنفيذية قد انطلقت من هنا. 

– من الذي شكل القوة التنفيذية .. الحكومة أم حماس؟
أبو عبيدة جراح: الحكومة طبعاً.

القوة التنفيذية .. الأهداف والمهام
– ماهي أهم أهداف تشكيل هذه القوة؟
أبو عبيدة جراح: عندما تشكلت الحكومة (الجديدة) كان الواقع الفلسطيني مليئاً بالإشكاليات، وكان من الضروري أن تؤدي وزارة الداخلية مهامها حسب المتطلبات المناطة بها، وأن توفر الأمن الداخلي للمواطن. لقد كان الوضع الأمني ضعيفاً جداً، والسلاح هو الذي يقود الشارع الفلسطيني في الإشكاليات العائلية، وهناك سرقات يومية. في ظل هذه الظروف؛ لا تستطيع الأجهزة الأمنية أن تتوجه لتعتقل هؤلاء اللصوص والمجرمين، لأنّ معظم هؤلاء منتمون إلی هذا الجهاز أو ذاك، وكانت الشرطة تخشى من محاولة اعتقال العابثين بالأمن، وکانت ضعيفة، لأنّ هذا الإنسان ينتمي الی هذا الجهاز أو ذاك التنظيم أو إلی غيره. کانت تحدث إشكاليات کثيرة في الشارع بناء علی قوة السلاح.
لقد بدأت مهام القوة التنفيذية بناء علی هذا الواقع، وأخذت تتبلور بموجب هذا الواقع القائم من ضعف أمني للمواطن، والمشكلات العائلية التي تُستخدم فيها السلاح، والجرائم التي لا يتم إلقاء القبض علی منفذيها. لكن في الوقت الذي كان الناس يرون فيه أنّ هذا الجهاز (القوة التنفيذية) مكوّن من التشكيلات الجهادية، وأنّ أعضاءه مجاهدون ومناضلون؛ في هذه الحالة سيكون أداء المهام أقوی، فکان من مهام هذه القوة التي تبلورت فض النزاعات، والمحافظة علی المؤسسات الحكومية والوطنية والإسلامية بشكل عام، وحفظ الأمن للمواطن. هذه تقريباً هي أساسيات، وطبعاً بناءً علی هذا يترتب إلقاء القبض أحياناً علی اللصوص لحفظ أمن المواطن، وأحياناً مواجهة اللصوص وبعض حملة السلاح الذين يستقوون بسلاحهم علی الضعفاء والعائلات، والعائلة القوية التي تستقوي علی عائلة ضعيفة.
من هنا تبلورت مهام القوة في هذه النقاط، التي هي الحفاظ علی أمن المواطن بشكل عام والمؤسسات، وفض النزاعات، وإلقاء القبض علی اللصوص وتحويلهم للشرطة لاستكمال الإجراءات القانونية. 

– علاوة على ما ذكرته من أهداف هذه القوة؛ هل تشمل أهدافها أيضاً التصدی لأي هجوم صهيوني محتمل علی قطاع غزة؟
أبو عبيدة جراح: لاشك أنّ هذه القوة في حال قيام الاحتلال باعتداءات علی الشعب الفلسطيني ستبادر والجميع سيبادر (للدفاع)، وخاصة بعد توجيهات السيد وزير الداخلية، وهذا الشيء کان جديداً علی الساحة الفلسطينية. لقد أعطی الوزير توجهياته للقوة الأمنية بأن تتصدي للاحتلال، فالقوة التنفيذية مثل أي جهاز آخر، والدليل علی ذلك استشهاد کثير من أعضاء هذه القوة في المواجهات مع الإحتلال. 

– البعض يعتبر هذه القوة من حماس، فهل شارکت فيها باقي الفصائل؟
أبو عبيدة جراح: هناك من سيعتبرها من حماس حتی وإن کانت بالكامل من فتح، وذلك لأنها تتبع وزارة الداخلية ووزيرها. ولكن لو نظرنا إلی تقسيماتها؛ فسنجد فيها اثني عشر تنظيماً، وفتح هي أکبر تنظيم شارکت فيها (بعد حماس)، ولها ما يقارب تسعمائة مجاهد، والجبهه الشعبية والجبهه الديمقراطية وقوات القدس وألوية الناصر صلاح الدين وغيرها.

– ولكن هل يمكن أن تشير إلی عدد أفراد هذه التنظيمات في التنفيذية؟
أبو عبيدة جراح: بعض التنظيمات التحقت متأخرة ، فكان العدد المتفق عليه لا يسمح بأکثر من ذلك، ولأنّ بعض هذه التنظيمات جاء متأخراً فإننا لم نستطع أن نستوعب کثيراً، لأنّ العدد المتفق عليه لم يسمح بذلك. ونستطيع أن نقول إنّ نصف القوة التنفيذية من حماس، والنصف الآخر من باقي الفصائل الفلسطينية.

– ولكن كم عدد هذه القوات حالياً، وهل هو مرشح للزيادة، خاصة وأننا سمعنا أنه سيصل الی عشرة آلاف عنصر؟
أبو عبيدة جراح: عندما قامت القوة التنفيذية حصلت هناك بعض التجاذبات، وبصراحة بعد أن أثبتت هذه القوة جدواها في الشارع الفلسطيني؛ أصبح هناك التوجه الأعظم لأن تستمر هذه القوة، وبالعكس أن يُزاد عددها، وذلك لكثرة الذين يودون أن يلتحقوا بالقوة التنفيذية، ولكثرة المشكلات الأمنية والاجتماعية. فنحن بالفعل في حال توفرت الظروف والأمور اللازمة؛ نستطيع أن نقول إنها لو وصلت تعداد أفرادها إلی عشرة آلاف فإنها ستكون قوية وفاعلة.

– يعني هل ستصل القوة إلی هذا العدد؟
أبو عبيدة جراح: إن شاء الله ستصل. 

– ولكن كم عددها حالياً؟
أبو عبيدة جراح: عدد أفرادها حالياً هو 5600 فرداً.

حدود القوة وصلاحياتها ..
– ماهي حدود وصلاحيات هذه القوة؟
أبو عبيدة جراح: لاشك أنّ القوة جديدة، والأمن مجاله واسع جداً، لكن بالنظر لما يعيشه الشعب الفلسطيني من وضع أمني متدهور وضعيف؛ فقد شارکت القوة التنفيذية بکل شيء، في إلقاء القبض علی اللصوص وفي تفكيك شبكات السيارات (المسروقة)، وفي فضّ نزاعات مسلحة، وفي الحفاظ علی المؤسسات، فهذه المؤسسات کانت تعاني من الوضع الأمني المتدهور.
لقد تدخلت القوة في قضايا النزاعات في المجتمع حرصاً علی أمن المواطن وحقوقه، ووقفت في وجه المسلحين الذين کانوا يعتدون علی حقوق الناس والمؤسسات، مثل مستشفى الشفاء وشرکة الجوال وشرکات الهواتف وشرکات الكهرباء، ولذا طلبت هذه الشرکات من القوة التنفيذية المحافظة علی أمنها.
لقد أصبحت القوة التنفيذية تقوم بالكثير من المهام وتتولى حل إشكاليات أمنية عديدة، وتقوم بإلقاء القبض علی اللصوص وضبط المخدرات.
وقد بدأنا بترتيب المهام وتحديد الصلاحيات حتي نقوم بأعمالنا کأي جهاز بالتنسيق مع الشرطة وبالتنسيق مع النيابة، وقد تشاورنا مع الخبراء القانونيين لهذا الغرض.

– وهل تحقق القوة التنفيذية مع المعتقلين أم تكتفي بتسليمهم للشرطة؟
أبو عبيدة جراح: لاشك أنه بعد القاء القبض علی اللص يجب التأکد من أنه متهم بالفعل، فتقوم القوة بالتحقيق معه بشكل سليم ومناسب وإنساني وبأساليب قانونية حتی لاتضيع حقوقه. وفي كل الأحول يجب الحفاظ علی حقوق المتهم، لهذا فإنّ الأخوة العاملين في القوة التنفيذية واعون، وقد خاضوا التجارب وخرجوا من المساجد ويعرفون الشرع والقانون، فهم يحققون مع المعتقل کإجراء أولي وافادة أولية، ثم يتم تسليمه مع إفادته للشرطة، وإذا کانت لديه مضبوطات مثل السيارة أو غير ذلك من المضبوطات فيتم تسليمها للشرطة ايضاً.

– في کل العالم دور الشرطة يكون تنفيذياً، وأنتم تقولون إنّ هذه القوة جزء من الشرطة، بالتالي هل لفت أو طلبت النيابة وجهاز القضاء من القوة التنفيذية إلقاء القبض علی شخص معين أو جمع المعلومات عن شيء وشخص ما؟
أبو عبيدة جراح: نعم، هذا الصحيح، کما قلت فإنّ هناك بعض الإجراءات التي تقوم بها القوة التنفيذية بحاجة إلی غطاء قانوني، من هذا الباب حتی النيابة بشكل عام هي التي استدعتنا لأنها وجدت القوة التنفيذية تقوم بالفعل بمهامها على نحو ممتاز، وقد جلست شخصياً مع لجنة من النيابة العامة ووضعنا اتفاقيات حتی يتم التعامل بشکل قانوني حينما نتوجه إلی إلقاء القبض علی لص أو ما يشبه ذلك.
ويتم إلقاء القبض علی المجرمين بالتوافق والتواصل مع وكيل النيابة في المنطقة من قبل قائد التنفيذية، وهذا تم التحضير له وهو في طريقه إلی النزول علی الواقع، ولكنّ هذا حصل وتم الإتفاق عليه مع النيابة، وهذا يعطي المزيد من الشرعية للقوة، فالنيابة بشكل عام هي أکبر سلطة قانونية.
نظرة المواطنين إلى القوة التنفيذية .

– كيف ينظر المواطنون إلی هذه القوة في تقديرك؟
أبو عبيدة جراح: هناك نظرات مختلفة، لكنّ معظم المواطنين نظرتهم إيجابية جداً بالنسبة لهذه القوة، فهم يعتبرونها قوة منقذة بالفعل، والدليل علی ذلك ترحيب الفلسطينيين بالقوة التنفيذية أينما وجدت وفي أي مكان تتواجد فيه، فالجميع يرحبون بهذه القوة إلاّ فئة مغرضة هم أعداء الحكومة الفلسطينية المنتخبة. إنّ الناس يُسرّون عندما يرون القوة تقوم بحل إشكاليات عائلية وإحقاق حقوق الضعفاء. وقد تقبّل عامة الجمهور هذه القوة وعاونوها، وأحيانا نجد المواطنين يمدون هذه القوة بالإمكانيات وبالطعام ويقفون إلی جانبها.

– أين تتواجد هذه القوات وهل لها نشاط في الضفة الغربية حالياً؟
أبو عبيدة جراح: الضفة الغربية تختلف عن قطاع غزة بإعتبارها منطقة محتلة بالكامل، ولايمكن حمل السلاح من أي إنسان لأنّ الإحتلال سيعتقله بسرعة. لقد اعتقل الاحتلال الوزراء ورئيس المجلس التشريعي والنواب في الضفة، ولذلك فإنه من الصعب الآن تشكيل هذه القوة في الضفة إلاّ إذا تحرّرت. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات