عاجل

الثلاثاء 23/أبريل/2024

رساله إلى والد جلعاد شاليت

الأسير رأفت ناصيف - عضو قيادة حماس السياسية
جلست أمام التلفاز من مكان أسري أستمع اليك وانت تخاطب الذين يأسرون إبنك جلعاد وتذكرهم بأنهم ينتمون لدين كله أخلاق وأنه دين المعامله الحسنه يحترم إنسانية الانسان أيا كان ظرفه حتى لو كان أسير حرب .
واصارحك القول أنني لم أستغرب أو أفاجأ من اللهجه التي كنت تتحدث فيها والتي تنطلق من عاطفه لا شك أنها قوية وصادقة أستطيع أن أشهد بذلك وأنا متيقن منه حتى لو لم يكتب لي الاستماع اليك .
 
كما أنني تفهمت تماما إندفاعك لدراسة أحكام الأسير في الإسلام واستشهادك بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفه وحديث رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك من أجل أن تتعرف على كيفية وضع إبنك الذي هو فيه الان وتطمئن على مصيره من خلال معرفتك بمبادئ آسريه من جهه، ومن أخرى من خلال تذكيرك اياهم بأنهم ينتسبون للاسلام الذي يأمر بحسن معاملة الأسرى واحترام إنسانيتهم وأنه دين العفو والتسامح والمعامله .
 
كل ذلك لم يكن ليفاجئني أو يثير دهشتي واستغرابي ولم اسمح لنفسي ولفكري الذهاب في أي اتجاه غير الاتجاه الإنساني الطبيعي بأن والد يريد أن يؤمن سلامة فلذة كبده بكل وسيلة ممكنه… ذلك رغم أن إمكانية أن يكون مثل هذا المؤتمر موجه ومبرمج من جهات إستخبارية أمر وارد في مثل هذه الحالات إلا انني آثرت عدم الذهاب لغير الإتجاه الإنساني في الامر .
 
السيد نوعم وحتى لا أثير استغرابك من موقفي هذا حول اللهجة التي كنت تتحدث بها ، وقيامك بدراسة ديننا الاسلامي رغم يهوديتك واستشهادك بآيات من القرآن الكريم وبأحاديث لرسولنا صلى الله عليه وسلم وبرغم موقف ديانتك من ذلك ، فإنني أقول لك أن عدم استغرابي نابعمن كوني أسير منذ أكثر من سنتين لي أبوين كما أنت أب لجلعاد ، والدي توفي وأنا بعيد عنه بسبب حكومتك ووالدتي شارفت على الثمانين من عمرها لا أستطيع الالتقاء بها منذ أسرت … ولكوني أعيش كأسير من بين عشرات الآلاف من الأسرى الذين ما زالت حكومتك تأسر منهم ما يزيد عن العشرة آلاف اسير وأسيره ييشون بعيدا عن آبائهم وامهاتهم وأبنائهم وأزواجهم الذين يحترقون عليهم وتعتصر قلوبهم ألما لفراقهم لا سيما وأن كثير منهم محرومون من مجرد رؤية أبنائهم وبناتهم .

السيد نوعم:

لقد قررت أن أوجه لك هذه الرسالة من أسري رسالة إنسانية تخاطب فيك الانسان والاب لانني وجدت أولا :أن هذا ما يشكل عاملا مشتركا بينكم عائلة جلعاد وبين الكثير الكثير من العوائل الفلسطينية المفجوعه بحرمانها من فلذات أكبادها وأعزائها من الأباء والابناء والازواج وأيضا الاخوات والزوجات والامهات . وثانيا : أن اؤكد أننا كفلسطينيين وإياكم عائلة جلعاد والاسيرين في لبنان ومئات الجنود الذين كانوا بين قتيل وجريح اثناء الحرب على لبنان وعائلاتهم كنا ضحية لجهة واحدة هي ذاتها التي تمعن في تعميق معاناتنا جميعا ألا انها حكومتكم … إنهم قياداتكم اولمرت ، بيرتس ، حالوتس … الذين من أجل أن يحققوا مصالحهم ويحافظوا على كراسيهم يغامرون لأجلها ويقامرون بمعاناة الاف العوائل الفلسطينية واليهودية ، فهم لا يعنيهم ولا يهمهم مصير جلعاد ولا مصير غيره حتى لو تكرر سيناريو آراد ، وما يهمهم فقط وفقط مصالحهم الشخصيه.

كما أود أن أكون معك صريحا- وأنا أشعر بما تعانيه وزوجتك وربما عائلتك وكيف أنكم ربما لا تنامون الليل قلقا وهما على جلعاد – أن المسؤول عن جلعاد وسلامته ليس من خاطبتهم وإنما هو أولمرت وأركان حكومته ، أولمرت الذي أرسل إبنكم ليقتل أبناء شعبي هناك في غزه مغامرا بحياته كما غامر بحياة الكثيرين هو ومن سبقه بلا أي مبرر أو هدف وى مصالحهم … أن من يعرض أبنك جلعاد للخطر هي حماقة اولمرت الذي لا يريد أن ينزل من برجه العالي لصالح حياة ابنك وحريته ومماطلته في تحقيق الافراج عن جلعاد بإصراره وامعانه لابقاء المعاناه على شعبي بأسر الآلاف من أبنائه ، دون أن يتعظ بالحماقة التي أرتكبها سلفه رابين يوم أن غامر بحياةالجندي فاكسمان لا لشئ الا ليقول أنه رئيس حكومه قوي … هذه حقيقه لا بد لكم من إدراكها فهي مفتاح الحل لمعاناتكم .

السيد نوعم:

لقد اسهبت في مؤتمرك بتذكير خاطفي ولدك بما يمليه عليهم الدين الاسلامي بحصوص معاملة الاسير كي تضمن سلامة وراحة وامن ولدك جلعاد وان لا يصيبه مكروه وبالطبع هذا حقك، ولكن لا بد ان ترى الصورة المقابلة والتي من اجلها ادعوك وزوجك وعائلتك للقيام بزيارة ثلاثون سجنا ومعتقلا تضم بين جدرانها اكثر من عشرة الاف اسير واسيرة من ابناء شعبي تأسرهم حكومتك منهم من مضى على اسره ثلاثة عقوج واخرون منهم محكوم عليهم بان لا يروا الحرية ابدا، ادعوك لزيارة هذه السجون والمعتقلات والسماع من الاسرى الفلسطينيين عن ظروفهم المعيشية ومعاملة سجانيهم وان لم يسمح لك بالسماع وهو المتوقع فادعوك فقط للنظر بعينيك الى الاسرى الفلسطينيين واماكن احتجازهم فمجرد هذه النظرة منك ستتزود بالحقيقة المرة التي ربما لم يسبق لك او لشعبك تخيلها بسبب تضليل وكذب حكوماتكم عليكم ستجد ابناء شعب الاسرى من الفلسطينيين والعرب يعيشون في ظروف قاسية لا تحترم فيها انسانية الانسان او كرامته رغم ان تلك الاخلاق والمباديء التي درستها في ديننا الاسلامي هي ذاتها التي جاء بها جميع الانبياء ومنهم النبي الكريم موسى عليه السلام فهي ذات الاسس والمباديء التي انزلها الله سبحانه على البشرية منذ خلق الخلق.

ان هذه المعاناة التي يعيشها الاسرى الفلسطينيون وذويهم طوال السنوات ما زالت مستمرة فاذا كانت اعيادكم هذا العام ستمر عليكم دون ان يكون جلعاد بينكم بسبب حماقة اولمرت فان عشرات الاباء والامهات من شعبي سيمر عليهم رمضان والاعياد كذلك وفلذات اكبادهم بعيدين عنهم ومنهم من مرت عليه عشرات الاعياد على هذا الحال .هذه حقيقة الاخلاقيات التي يتعامل بها ابناء شعبك وحكومتك مع الاسرى معاملة اذلال بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى وهو ما لم تشاهدوه انتم حينما اسر جنودكما امثال العقيد حنان الذي رأيتم كيف عومل لامن حزب الله الملتزم بتعاليم ديننا الاسلامية.
 
ومرة اخرى ولاكون معك ومن خلالك مع شعبك اكثر صراحة فانني اقول لكم انكم تسهمون في تعميق وايقاع المعاناة على انفسكم وعلى ابناء شعبي في آن واحد كونكم لا تحاولون ولم تحاولا الوقوف في وجه حكومتكم وزعماتكم لايقاف عدوانهم وللتوقف عن استغلالكم وابنائكم لتحقيق مصالحهم عبر ايقاع المزيد من المعاناة على الشعب الفلسطيني ولا بد انكم تشاهدون فعل جيشكم الا اخلاقي بممارسته القتل والتهديم لكل ما هو فلسطيني……. وللاسف فانكم تقفون معهم ىرغم ظلمهم ووضوح خطئهم والجرائم التي يرتكبونها بحقنا وحق ابنائكم في آن واحد.
 
السيد نوعم:
 
انني في الختام وانا استشعر تلك المعاناة التي تعيشها وعائلتك لان عائلتي تعيش معاناة اشد منها وكذا العديد من العوائل الفلسطينية فانني ومن اجل تأمين الحرية والحياة الكريمة الهانئة لجلعاد ولاكثر من عشرة الاف اسير فلسطيني فانني انصحك ان توجه جهدك وتحشد معك من تستطيع من ابناء شعبك وتهب هبة واحدة في وجه حكومتكم ورئيسها ليعمل على وقف معاناتكم ويتوقف عن المقامرة بابنائكم وابنك جلعاد واجباره على الافراج عن الاسرى الفلسطينيين لانهاء معاناتهم كذلك وقبوله بعملية تبادل لا مفر منها “وليست بدعة لدى حكوماتكم التي سبق وان نفذت عمليات تبادل” وبدون هذه الحركة منكم فان الطريق سيكون ممهد امام اولمرت لارتكاب حماقة كتلك التي ارتكبها رابين من قبل وذهب ضحيتها الجندي فاكسمان في حينه او يرتكب حماقة كتلك التي ارتكبها هو نفسه في لبنان عندما تسبب في مقتل المئات من جنودكم دون ان يتمكن من تحرير الاسيرين هناك .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات