الجمعة 29/مارس/2024

ارتفاع نسبة الهجرة العكسية لليهود من القدس المحتلة

ارتفاع نسبة الهجرة العكسية لليهود من القدس المحتلة

 

صالح النعامي

قال تقرير إسرائيلي صدر مؤخراً أن عدد اليهود الذين يتركون مدينة القدس أكبر بكثير من عدد اليهود الذين يتوجهون للاستيطان فيها. وحسب تقرير أعده ” المعهد الإسرائيلي لدراسات القدس “، فأن 300 ألف يهودي غادروا القدس خلال الـ 25 سنة الأخيرة (1980 – 2005)، بينما قام نحو 208 ألف يهودي بالانتقال للاستيطان فيها.

وحسب التقرير فإن عدد المغادرين يفوق القادمين ب 105 مستوطن. وأشار التقرير إلى أنه في العام 2005 انتقل للاستيطان في القدس 10.300 شخص وغادرها 16.200؛ منوهاً إلى أن نصف المغادرين كانوا شباناً في أعمار تتراوح بين العشرين والأربع والثلاثين.

وأشار التقرير إلى حدوث زيادة على عدد اليهود المتدينين الأرثوذكس “الحريديم” الذين يغادرون القدس، مع العلم أن مدينتي “بني براك”، التي تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة “تل أبيب”، والقدس المحتلة، تحتويان على أكبر تجمعين لليهود الأرثوذكس في الدولة العبرية، وأن هؤلاء الأرثوذكس ينتمون بشكل أساسي إلى حركة “شاس” الدينية الشرقية، وحزب “يهدوت هتوراة”.

وأضاف التقرير أن زيادة الهجرة العكسية لليهود من القدس قاد إلى زيادة نسبة الفلسطينيين في المدينة التي وصلت إلى 34% في القدس بشقيها الشرقي والغربي، مع العلم أن الحكومات الإسرائيلية اعتبرت أن زيادة عدد المستوطنين اليهود في المدينة إلى مليون نسمة هو هدف استراتيجي لها. وقد وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون مخطط في العام 1996 عندما كان يشغل منصب وزير البنى التحتية في حكومة بنيامين نتنياهو أطلق عليه “القدس الكبرى”، والذي شدد فيه على أنه يهدف إلى جلب مليون يهودي للاستيطان في القدس، إلى جانب بسط نفوذ بلدية الاحتلال في القدس لتشمل 20% من مساحة الضفة الغربية.

وتوقع التقرير أن يزداد عدد المواطنين الفلسطينيين في القدس ليشكلوا 40% من نسبة السكان في القدس في العام 2020. وقالت د. مايا حوشن، محررة التقرير إنه في السنوات الأخيرة كان نحو ثلث اليهود الذين غادروا القدس هم من اليهود الأرثوذكس، وأنه خلافاً للتوقعات التي طرحت في السنوات السابقة، فإن نسبتهم تواجدهم في المدينة لم يرتفع. وأشارت حوشن إلى أن لترك الأرثوذكس سيكون تداعيات كبيرة معنى كبير، على اعتبار أن معظم المغادرين منهم هم من الأزواج الشابة، ممن ينجبون في السنوات الأولى بعد تركهم خمسة وستة أطفال، مؤكدة أنه سيحدث انخفاض كبير في عدد اليهود الأرثوذكس. وأشارت حوشن إلى أن العام 1979 شهد بداية التحول في كل ما يتعلق بالهجرة العكسية للمستوطنين اليهود من القدس؛ حيث إنه منذ ذلك العام تواصل ارتفاع نسبة الهجرة العكسية من المدينة.

وأشار التقرير إلى أن نسبة اليهود العلمانيين الذين يغادرون المدينة أكبر بكثير من نسبة المتدينين. ويدلل التقرير على زيادة الهجرة العسكرية لدى العلمانيين بانخفاض عدد الطلاب العلمانيين في المدارس هذا العام، حيث حدث انخفاض على عددهم بنسبة 6%.

وحسب بحث آخر صدر عن المعهد أعده يسرائيل كمحي يتبين أن إقامة جدار الفصل العنصري في محيط القدس قد زاد من نسبة الفلسطينيين في المدينة. وحسب كمحي فإنه قبل إقامة الجدار كان يعيش خارج نطاق بلدية الاحتلال في القدس حوالي 90 ألف فلسطيني من شرقي القدس من الذين يحملون الهويات الإسرائيلية. وأضاف كمحي أنهم انتقلوا مع إقامة الجدار للسكن داخل القدس خوفاً من فقدان علاقتهم بالمدينة.

أسباب الهجرة العكسية

وحسب حوشن فإنه بالنسبة لليهود الأرثوذكس فإنهم يغادرون بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يعيشونها، مع العلم أن اليهود الأرثوذكس لا يعملون في الغالب ويعتاشون على مخصصات الضمان الاجتماعي التي تقدمها لهم الدولة والمؤسسات الاجتماعية التابعة للأحزاب الأرثوذكسية. ونوه التقرير إلى أن معظم الأرثوذكس يتوجهون للعيش في المستوطنات في الضفة الغربية، خصوصاً المستوطنات التي تتواجد فيها نسبة كبيرة من اليهود الأرثوذكس.

وأشار التقرير إلى أنه في مستوطنات الضفة يستطيع الأرثوذكس الحصول على شقق سكنية بأسعار زهيدة. أما بالنسبة للعلمانيين، فإنهم يغادرون القدس ويتوجهون للعيش في تل أبيب، وذلك بسبب أنماط الحياة التي يمليها اليهود الأرثوذكس على كل من يستوطن المدينة، حيث يفرض الأرثوذكس على العلمانيين الالتزام بحرمة السبت، وعدم فتح أبواب السينما والمسارح وغيرها من مرافق الترفيه، مع العلم أن رئيس بلدية الاحتلال في القدس هو أرثوذكسي.

من ناحيته يقول الصحافي يوفال هايمن المختص بشؤون الاستيطان في القدس إنه من ناحية عملية فإن اليهود لا يجرؤون على دخول القدس الشرقية، معتبراً أن حديث الحكومة الإسرائيلية عن عاصمة موحدة حديث فارغ. وقال هايمن في مقال نشرته صحيفة “معاريف” فإنه لا تطأ قدم يهودي الأحياء في شرقي المدينة. فشعفاط، وجبل المكبر، والعيسوية، وصور باهر وأخواتها، أصبحت مناطق لنسل إبراهيم من المسلمين. لا يصل أحد في الحقيقة إلى هناك من اليهود”، على حد تعبيره.

الفلسطينيون يتشبثون بالقدس رغم إجراءات الاحتلال

وتأتي هذه المؤشرات على الهجرة العكسية لليهود، على الرغم من الحرب التي تشنها دولة الاحتلال ضد الوجود الفلسطيني في المدينة. فقد أشار الباحث الإسرائيلي الدكتور مئير مرغليت إلى أن كل يهودي في القدس يكلف بلدية الاحتلال 142 شيكل (25 دولار) في اليوم، بينما يكلف الفلسطيني الذين يعيش في القدس ويحمل الهوية الإسرائيلية 2.7 شيكل (نصف دولار).

وأشار عميت إلى أن إدارة التربية في القدس تنفق 7351 شيكل على الطالب اليهودي (1800 دولار)، مقابل 2400 (500 دولار) شيكل للطالب العربي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات