الجمعة 19/أبريل/2024

ما وراء الهجمة على السيد رئيس الوزراء؟

إبراهيم المدهون

منذ الإعلان عن بداية التوصل والاتفاق على حكومة وحدة، حتى تغيَّر الحال، واشتدت الهجمة وانكشف القناع، وظهر ما وراء الأحداث أن هناك هجمة على شخص السيد إسماعيل هنية، وهناك استهداف ينال من شخصه مباشرة. رغم ما يتمتع به السيد “أبو العبد” من جماهيرية كبيرة لم يتمتع بها قبل ذلك أيّ وزير أو رئيس وزراء.
 
وقد حذَّرنا قبل ذلك من تيار دخيل لن يرضى بالاتفاق، ولن يدعم حكومة وحدة لأن حكومة الوحدة تضر بمصالحه وتُحجِّم طموحه، وتقطع عليه الطريق فقام هذا التيار بتهديد من يشارك “حماس” بحكومة وحدة. لأنه خطَّط لعزلها وأمريكا نفذت هذا التخطيط، وقال كبيرهم “راح أقل قيمته إلي بفكر يدخل في حكومة مع حماس”، فهذا التيار هو المسؤول عن جميع حالات التصعيد ضد السيد “أبو العبد” بعد الاتفاق على حكومة الوحدة لما يتمتع فيه السيد رئيس الوزراء من شخصية توحيدية، وجهد مخلص للخروج من هذه الأزمة؛ التي شارك هذا التيار بصنعها وغزلها ونسجها أيضا.
 
ومع ذلك، لم نتوقع أن يكون رد فعل هذا التيار بهذه الهمجية أولا وبهذه البشاعة، فلقد قام التيار لعرقلة حكومة الوحدة بعدة أفعال دلَّت بما لا يدع مجالاً للشك أنَّه على استعداد لحرق غزة إن لم تنفذ سياسته وسياسة الولايات المتحدة في المنطقة.
 
 فما أن استقبل الشعب الفلسطيني خبر الاتفاق بفرح ولهفة. حتى أخذت الأذرع الإعلامية إلى التشكيك به والتقليل من أهميته ومن ثم أخذت تبث الشائعات وتروِّج الأكاذيب فكانت البداية عن خبر انتشر في بعض مواقع الانترنت التابعة لشخصيات أمنية سابقة بعينها. وتناقلته منْ ثمَّ الصحف والقنوات الفضائية، يقول: إنَّ الرئيس عباس سيقيل حكومة هنية، ومن ثم لن يقوم بتكليفه مرة أخرى.
 
وما إنْ تبيَّن كذب هذا الخبر. حتى تم اغتيال العقيد أبو تايه بالقرب من بيت الرئيس إسماعيل هنية، وكان اختيار التوقيت والمكان ليدّل أن هذه الرسالة موجهة أولا إلى الأخ القائد إسماعيل هنية، وثانيا إلى حكومة الوحدة المرتقبة.
 
 ومن ثم تم تجميع بعض المرتزقة وبتخطيط مسبق مع التلفزيون الفلسطيني لتتم مسرحية منعه من التشريعي. فالتلفزيون الفلسطيني الغائب دائما عن المواقف الوطنية والحقيقية، أخذ يروِّج بشكل غير نزيه وغير وطني إلى قليل من الرعاع والهمج الذين شوَّهوا صورة المجتمع الفلسطيني، فما نقلها التلفزيون من ألفاظ خارجة عن الدين والأخلاق كانت طعنة في ضمير الشعب الفلسطيني.
 
إن استهداف الرئيس “أبو العبد” وهو المجمع على قيادته وعلى صلاحيته لقيادة البلاد في هذه الأزمة، إنما لأنه أصبح يشكل عليهم خطراً، لما يقوم به من إصلاح ولما يتمتع به من قبول جماهيري وإسلامي وعربي ودولي وفلسطيني.
 
فالسيد الرئيس “أبو العبد”؛ هو من سكان مخيم الشاطئ، وخرج من وسط المعاناة، وحافظ لكتاب الله، وخطيب مسجد مفوَّه، ومتواضع، وله الآن رمزية كبيرة لأنه لم يخرج من فنادق الخمس نجوم ولم تغره الأضواء ولم يسكن الفلل والبيوت الكبيرة. كالقيادات السابقة والحالية للسلطة، ولم يتخذ القضية تجارة يقتات على حساب الشهداء والأرامل. ولم يسهر في “تل أبيب”. ويفتتح الكازينوهات، بل عاش على القليل، وتنقل بين السجون، وتعرَّض للإبعاد، ورافق شيخ الشهداء، وتعرض للاعتقال، ورغم كل هذه المراحل لم يلن، بل ما زال متمسكاً بثوابت الشعب الفلسطيني.
 
فما تعرَّض له السيد رئيس الوزراء يهدف من ورائه إسقاط رمزيته وشخصيته وجماهيريته إلا أن هذه الأحداث فشلت، فإن كان العشرات تعرضوا له بشكل بعيد عن الأدب وبكثير من الهمجية والبربرية، فإن مئات الآلاف خرجت من مدينة غزة فحسب وجابت الشوارع ووصلت إلى بيته لتؤكد أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بتكرار ما حدث.
 
 ولقد كان من وراء الهجمة على شخص السيد إسماعيل هنية أن يقوم بمواقف تتساوق مع الخط الأمريكي، وهذا أيضا ما لم يتم، فلقد أعلن أنَّه لن يتنازل وسيظل متمسِّكاً بثوابت الشعب الفلسطيني، وقال: إنهم لن ينتزعوا المواقف.
 
إن أبعاد الهجمة والحملة المنظمة على السيد رئيس الوزراء خطيرة وكبيرة، وأخطرها سيكون على من يحرِّك هذه الحملة. ويدرك المغرضون وممن كانوا وراء هذه الأحداث البشعة وهذه التمثيليات المفضوحة أن السيد إسماعيل هنية بذل كل الجهد لاستيعابهم وتوضيح الطريق لهم، وهم في بعض المقابلات والتصريحات يتباهون به وبأنهم يلتقون في بيته. فكان عليهم أن يدركوا أن أيَّ مكروه للسيد إسماعيل هنية سيكلفهم.
 
فالسيد إسماعيل هنية استطاع بحلمه وتربيته الإسلامية وأستاذيته في التواصل أن يكون مصدر تجميع لا تفريق ومصدر وحدة لا تشتت بعكس خصومه الذين لا يتمتعون بأي رضا ومحبة وقبول لدى الشعب الفلسطيني، فهم أصحاب الأبراج في الدول العربية، وأصحاب العلاقات مع أعداء الشعب الفلسطيني، ولن ينسى الشعب صورهم مع موفاز وشارون وبوش، في حين أن أبا العبد لا نجده إلا بين شعبه وأهله.
 
إن الحملة المنظمة التي تستهدف السيد رئيس الوزراء يتحمَّل مسؤوليتها أشخاص معيَّنون، ويتحمَّل جزء منها التلفزيون الفلسطيني الذي نقل الإحداث بطريقة محبوكة وغير موضوعية وغير نزيهة. وروَّج لها في حين لم ينقل مسيرات الآلاف التي خرجت دعماً لـ”حماس” وهنية.
 
هذه الهجمة نتيجة إفلاس لدى محرِّكيهم ومن هو خلفهم، وعليهم أن يدركوا أن الشعب الفلسطيني لن يسمح لهم أن يتمادوا بهذه المؤامرة المشبوهة. وأظن أن الأيام القادمة ستشهد تصعيداً أكبر والتفافاً أعظم حول قيادة “حماس” والحكومة الفلسطينية الحالية.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات