الجمعة 29/مارس/2024

مستوطنو الجولان يتوقعون مكافآت قضية الاستيطان على مسار التفاضو السوري

مستوطنو الجولان يتوقعون مكافآت  قضية الاستيطان على مسار التفاضو السوري

يعيد صعود حكومة يهود باراك إلى الحكم في مطلع الصيف الماضي، توصلت دراسة عربية معمقة عن تأثير الداخل الإسرائيلي على سياسات هذه الحكومة تجاه قضايا التسوية إلى الآتي ((ليس ثمة ما يبشر بسياسة تفاوضية بسيرة بشأن مستقبل المستوطنات في الضفة وغزة والقدس، لأن باراك ملتزم أمام ناخبيه وشركائه في الحكم بعدم تفكيك هذه المستوطنات، ولكن قضية الاستيطان في الجولان تبدو أهون منها في التوقع على حيثيات أفرزتها اتجاهات التصويت في الانتخابات من جهة، ومواقف الأحزاب الكبرى المشتركة في الائتلاف الحكومي من جهة ثانية .

صوت لباراك 70% من مستوطني الجولان، بينما لم يمنحه أصواتهم سوى 185% من مستوطني الضفة و79% من مستوطني غزة، ولا يعتبر حزب شاس، ثاني أكبر قوى الائتلاف الحكومي (4وزراء)، أن الجولان جزء من أرض إسرائيل بخلاف الضفة وغزة، طبقاً لفتوى كبير حاخاميه منذ بضع سنوات وهناك مشاركون آخرون يفضلون السلام مع دمشق على استمرار استيطان الهضبة المحتلة .

ويبدو أن المعطيات لفتت نظر صحيفة “معاريف” التي تظهر اهتماماً ملحوظاً بقضية مستوطني الجولان فأجرت استطلاعاً مباشراً بينهم، وعجلت غداة الانتخابات بنشره (4حزيران – يونيو). وفي نتائجه ثبت أن 42% من المستوطنين مستعدون لمغادرة الجولان، مقابل اتفاق سلام كامل مع دمشق والحصول على تعويض مناسب، وقال 47% إنهم سوف يفكرون في حقوقهم عند الانسحاب من الهضبة إذا تم فتح مكتب للتعويضات، ومع ذلك، ذكر55% أنهم سيشاركون في النشاط العام لمنع الانسحاب.

تقدم هذه الأرقام مؤشرات غير متسقة، فغالبية مستوطني الجولان صوتوا لصالح القوى الأكثر غموضاً في موقفها من قضيتهم إبان انتخابات 1999، وقرابة نصفهم تحيزوا في استطلاع “معاريف” لفكرة المغادرة مع تعويضات مناسبة، فيما أعلن أكثر من النصف فيه مقاومة هذه الفكرة! وتتأكد ظاهرة عدم استقرار المستوطنين على رأي، ومن ثم سيطرة موقف اللاحسم على توجهاتهم، بخصوص الانسحاب من الجولان، عبر آخر متابعات “معاريف” فبعد مرور ستة أشهر على استطلاعها المشار إليه، تحدثت الصحفية عن عدم اطمئنان مستوطني الجولان لمستقبلهم، ويتجلى ذلك في نزوح أكثر من عشر سكان مستوطنة كفار خروب خلال الشهور الأخيرة، بسبب الوضع الغامض الذي يكتنف مصير الهضبة، كما يتجلى في تصريح إيريز شوفال سكرتيرة مجلس المستوطنة الذي اعتبرت فيه أن 1999 كان عاماً صعباً، نظراً لرحيل العديد من المستوطنين نتيجة مللهم في العيش في وضع اللابقين إزاء مستقبلهم .

هذه الحيرة التي تعتور جهود الاستيطان اليهودي في الجولان، لا تكاد توجد بالنسبة للحالة في الضفة وغزة وبين ما يمكن استقراؤه من خطاب المستوطنين المقارن ومسلكياتهم، أن الحركة الاستيطانية في الأراضي المحتلة عام 1967، لا تمضي بلا دليل، بل هي حركة تأخذ في الاعتبار محددات بعينها، في طليعتها مستوى صلابة المفاوضين العرب المعنيين، فلو كان لدى التنظيمات العاملة على التوسع الاستيطاني (حكومية وغير حكومية) أدنى شك في احتمال هوان المفاوض السوري تجاه هذا الأمر في الجولان، لكان الإغراء أمامها شديداً في اجتياح الهضبة .

علينا أن نتذكر هنا كيف كانت استجابة هذه التنظيمات محدودة ولعلها منعدمة لصعود تلال الجولان، حين دعا أرييل شارون إلى ذلك منذ عامين، هذا في حين أصيبت التنظيمات، ذاتها بسعار استيطاني تجاه تلال الضفة على أثر تلد الدعوة .

نود القول، أن أي اهتزاز في الطرح السوري لقضية الاستيطان في الجولان، سينعكس سريعاً على شكل تشدد في موقف المستوطنين وميل إلى ترجيح السامعين منهم إلى معارضة الانسحاب والنزول عن الهضبة، وعكس ذلك صحيح. فالاستعصام السوري بسياسة (ولا مستوطن واحد) معطوف على التشبث بمقررات الشرعية الدولية تجاه القضية، سيثبط عزائم قدامى المستوطنين هناك ومحدثيهم، وربما كان ذلك أدعى لتعزيز جناح الانسحاب الكامل وتصفية مستوطنات الجولان في حكومة باراك ذاتها .

يعلم مستوطنو الجولان أن مواقفه ليست هي المحدد الأهم أو الأوحد ففي تحديد مستقبلهم على الهضبة المحتلة منذ 1967، لكنهم يقدرون في الوقت عينه أن كلمتهم سيكون لها صدى بهذا الخصوص، وهم يعتزمون توظيف هذه الكلمة بما يجعلهم لا يخرجون بلا مكاسب في كل الأحوال ولا شك في أن حكومتهم بدورها تميل إلى هذا الأسلوب الابتزازي، ومن دون هذا الفهم لا يمكن وضع حديث “تعويضات المستوطنين” بين يدي الطرف الأمريكي، الملهوف لإنجاز تسوية على المسار السوري في إطاره المنطقي .

بكلمات أخرى، يراهن المستوطنان على ثمن يتقاضونه ممن يرغبون في أزاحتهم كعقبة في سبيل بلوغ التسوية السورية – الإسرائيلية منتهاها، وهم يدركون أن حكومتهم سوف تطرب لهذا الرهان وتنقله بدورها إلى الإدارة الأمريكية المعنية بهذه النهاية في أجل لا يتجاوز خريف العام المقبل .

مشاهد هذا السيناريو بدأت فعلاً، ففي قائمة بمطلوبات يقال إن حكومة باراك رفعتها إلى إدارة كلينتون، تقدر قيمتها بنحو 33 بليون دولار، ينبغي الوفاء بها في بضع سنين من أجل الالتزام باستحقاقات التسوية على المسار السوري، شغلت البنود المتعلقة بتعويضات مستوطني الجولان بربع المبلغ المذكور (والباقي يخص أسلحة متطورة، طائرات ومنظومات صواريخ واستطلاع مبكر على الأرض وفي الجو ونفقات تدريب وقطع غيار وأجهزة ودعم مشاريع مياه ومساعدات سنوية).

وفي كل الأحوال، سيكون مستوطنو الجولان كالحاضر الغائب في قاعات التفاوض على  المسار السوري، وعند لحظة الحسم في مستقبلهم، ليس من المقدر أنهم سيخرجون خاليي الوفاض، حينئذ سنتيقن، مع محللين كثر، بأننا بصدد نموذج للاستيطان الاستثماري، أجادت الدولة اليهودية اشتقاقه في الضفة وغزة، كما في الجولان، حيث المستوطنون يعودون محملين بالغنائم، أرضاً كانت أم أموالاً ومتاعاً، لدعم هذه الدولة الاستيطانية .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

36 شهيداً في عدوان إسرائيلي على ريف حلب

36 شهيداً في عدوان إسرائيلي على ريف حلب

حلب - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام سورية بارتقاء 36 شهيداً في غارات إسرائيلية استهدفت أهداف في ريف مدينة حلب منتصف الليلة الماضية....