الخميس 18/أبريل/2024

الوزير تتمسك بمسؤوليتها عن مؤسسة الشهداء وأسرهم يقاسون الحرمان

الوزير تتمسك بمسؤوليتها عن مؤسسة الشهداء وأسرهم يقاسون الحرمان

يشعرون بتضامن كبير خلال الأيام الأولى لاستشهاد أبنائهم، ولكنهم سرعان ما يفقدون الاهتمام الرسمي وحتى الاجتماعي والشعبي. هذا حال كثير من أسر الشهداء الفلسطينيين، التي اشتكى بعضها من سوء أوضاعها الاقتصادية بسبب تأخر المخصصات التي تتلقاها من مؤسسة أسر الشهداء والجرحى.

وتطالب أسر الشهداء باعتماد قانون رعاية أسر الشهداء الجديد، والذي تم إقراره بالقراءة الأولى والثانية في المجلس التشريعي السابق، ولكنّ إقراره بالقراءة الثالثة والمصادقة عليه من قبل رئيس السلطة الفلسطينية أعاقته خلافات على الصلاحيات، وضغوط خارجية حسب ما يقول بعضهم.

 

أسر فقيرة

نافذ أبو مرسة (41 عاماً) من حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، استشهد ولده محمد خلال عملية عسكرية للمقاومة الفلسطينية استهدفت جنود الاحتلال على معبر المنطار. وقد عمل أبو مرسة سابقاً داخل فلسطين المحتلة عام 48، وقبل فترة وجيزة عمل في الدفيئات الزراعية التابعة للمستوطنات المخلاة، وبسبب عدم تصدير منتجاتها اضطرت الشركة لإيقافه عن العمل، والآن ليس لدية أي مصدر للرزق ، ويعتمد أبو مرسة على راتبه الشهري الذي يتقاضاه من مؤسسة أسر الشهداء ، ويشير إلى أنه لديه أبناء في المدارس ولم يستطع توفير مستلزماتهم المدرسية.

ولا يختلف حال أبو مرسة كثيراً عن غيره من آباء الشهداء الفقراء، الذين لا يستطيعون توفير حاجة باقي أبنائهم.

فمفيد المبيض (48 عاماً) والد الشهيد حمادة المبيض الذي استشهد على الحدود الشرقية لقطاع غزة؛ لا يعمل، وهو يتلقى العلاج وزوجته من مرض نفسي، ولدى المبيض خمسة أولاد وثلاث بنات. ويقول هذا الوالد الفلسطيني إنه يقطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام للوصول إلى أي مكان وقضاء احتياجاته بسبب عدم وجود أي شيكل في جيبه يعينه على استقلال وسائل المواصلات.

 

مشكلات عدة

من جهته؛ يقول ياسر العرعير، المنسق العام للتجمع الوطني لأسر الشهداء، إنّ عائلات الشهداء تواجه مشكلات عدة، وحتى المنح التعليمية لا تُمنح سوى للزوجة والأبناء ولا تُمنح للأشقاء، بالرغم من أنّ بعضهم ليس لديه معيل، وقال “يجب أن نعطي أسر الشهداء حقوقهم ليعيشوا حياتهم كبقية المواطنين”.

ويقول العرعير، وهو ابن الشهيد عون العرعير الذي استُشهد في سجون الاحتلال، إنّ أسر الشهداء تريد تمييزاً معنوياً ولا تريد فقط شعارات، مشيراً إلى أنّ هناك من يحاول أن ينسى الشهداء، ويضيف “حتى تلفزيون فلسطين الذي نشاهده ولا نراه يتحدث عن الشهداء، وذلك بالرغم من أنّ الأيام الأولي لعزاء الشهيد تكون مليئة بالناس”.

وتطرّق العرعير للحديث عن القانون الجديد الذي يطالب التجمع الوطني بإقراره، مشيراً إلى أنّ أهم مادة في القانون هي المادة رقم (5)، وهي إقرار راتب شهري لأسرة الشهيد الأعزب 250 دولار والمتزوج 300 دولار، يضاف إليها 50 شيكلاً (مائة دولار) للزوجة و50 شيكلاً لكل فرد من أبنائه.

ويوضح العرعير أنّ رئيس السلطة أقرّ البند المالي في القانون، ولكنه لم ينفذ لعدم إقرار موازنة 2006، مشيراً إلى أنّ القانون الجديد قدم في شهر شباط (فبراير) 2004، وتمت قراءته الأولى في آذار (مارس) 2005، أي بعد شهر من تقديمه، في ما تمت القراءة الثانية بعد شهرين.

 

ضغوط خارجية

ومن ضمن مبررات بعض أعضاء المجلس التشريعي السابق أنه، حسب ما يقضي به القانون الجديد، سيحوِّل تبعية مؤسسة أسر الشهداء من منظمة التحرير إلى السلطة الفلسطينية.

ويقول العرعير إنه في إحدى جلسات المجلس التشريعي السابق التي حضرها، لم يرفع أحد من النواب يده للموافقة على القانون الجديد سوى نائبين من الضفة الغربية، هما فخري التركمان وعباس زكي.

ويشير العرعير إلى أنه تم الاجتماع مع وزير الشؤون الاجتماعية السابق حسن أبو لبدة، بخصوص القانون الجديد، وتمت مطالبته بأن يقف إلى جانب القانون للإسراع في إقراره، ولكنه قال إنّ إقرار القانون مستحيل بسبب الخوف من الضغوط الخارجية، لأنّ إقرار القانون، حسب أبو لبدة، يحفز على زيادة عدد الشهداء، وهو ما منع إقرار هذا القانون.

ويعبر العرعير عن أمله في أن يلقى القانون الجديد اهتماماً أكبر من قبل المجلس التشريعي الحالي والحكومة، مشيراً إلى أنّ التجمع الوطني لأسر الشهداء اجتمع بنائب رئيس المجلس التشريعي أحمد بحر الذي أبدى تفهماً لمطالب أسر الشهداء. ويقول العرعير أيضاً إنّ رئيس الوزراء إسماعيل هنية أكد للتجمع خلال اجتماع معه أنه يجب إقرار القانون.

وطالب العرعير بإقرار القانون حتى لو لم ينفذ في الوقت الحاضر لعدم وجود ميزانيات كافية، ويمكن تنفيذه لاحقاً، لافتاً الانتباه إلى أنّ هناك عدة مزايا في القانون الجديد، منها أنه يوفر فرصة عمل لكل أسرة شهيد ليس لها معيل.

وهناك، وفقاً للعرعير، مواد أخرى في القانون تتضمن التعليم الصحي المجاني والتعليم المجاني وتوفير سكن لأسر الشهداء.

 

بين المنظمة والسلطة

أما بشأن ملابسات تأخير إقرار القانون؛ فقد أفاد النائب الدكتور محمد شهاب، عضو اللجنة القانونية في المجلس التشريعي، أنّ مشروع القانون أحيل إلى اللجنة القانونية، ولكنّ إشكالية الصلاحيات هي من تؤخر إقراره.

ويوضح شهاب تأثير إشكالية الصلاحيات على تعطيل إقرار القانون بقوله “مؤسسة أسر الشهداء والجرحى كانت تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وتم فصل هذه المؤسسة عن الوزارة وأصبحت تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها تابعة في الخارج للمنظمة”، وقال “الآن (وزارة) الشؤون الاجتماعية غير مسؤولة عن مؤسسة أسر الشهداء”.

ويضيف شهاب في هذا الصدد “يبدو أنّ هذه المؤسسة (مؤسسة أسر الشهداء) مصممة لأن تتولى مسؤوليتها أم جهاد (انتصار الوزير) فقط”، معيداً إلى الأذهان أنّ المجلس التشريعي لا يستطيع أن يشرع قوانين تخص منظمة التحرير.

ويشير شهاب إلى أنّ المسؤولة عن المؤسسة، انتصار الوزير، وجّهت للجنة القانونية كتاباً تقول فيه إنّ هذه مؤسسة تابعة لمنظمة التحرير و”كأن تشريع القانون ليس من صلاحياتنا”.

وإزاء هذه الالتباسات؛ يرى شهاب أنّ أفضل الحلول هي في إعادة هذه المؤسسة للحكومة، ولكنه يعتبر أنّ إصرار انتصار الوزير على عدم فصل المؤسسة قد عطّل إقرار القانون، وقال “إنها تعتبر أنّ المؤسسة لا تتبع الرئاسة بل تصر على تبعيتها للمنظمة”.

وبين هذا الموقف وذاك؛ تبقى أسر الشهداء بانتظار القانون الجديد الذي تعطل إقراره إشكاليات الصلاحيات والمصالح الشخصية، إلى حين من يأخذ على عاتقه حسم المسألة في تحديد الجهة التي تتبع لها المؤسسة التي من المفترض أنها ترعى مصالحهم وليس مصالح القائمين عليها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات