الأربعاء 24/أبريل/2024

مقاطعة أكاديمية بريطانية لـإسرائيل

مقاطعة أكاديمية بريطانية لـإسرائيل

اتخذ اتحاد المحاضرين الجامعيين الأكبر في بريطانيا (يضم 69 ألف عضو) في منتصف الأسبوع الماضي من خلال مؤتمره السنوي قراراً بمقاطعة المحاضرين الإسرائيليين والمؤسسات الأكاديمية في “إسرائيل” الذين لا يتخذون موقفاً صريحاً ضد سياسة التمييز العنصري التي تنتهجها “إسرائيل” في مجال التربية.

 

وقد فاز القرار رغم الهجوم الشديد الذي ووجه به بأغلبية 106 ضد 71 في المؤتمر. وقال توم هيكي، محاضر في الفلسفة بجامعة برايتون، الذي تقدم باقتراح المقاطعة:

 

إن أغلب الأكاديميين في “إسرائيل” يتعاونون على نحو نشط أو بصمت مع سياسة “إسرائيل” في المناطق المحتلة، وحتى لو كان زعم معارضي المقاطعة صحيحاً بأن الجامعات الإسرائيلية هي مكان للحرية فإن ذلك غير صحيح بالنسبة لفئات سكانية مقصاة مثل الفلسطينيين. أين رد الأكاديميين على فظائع الحياة في مخيمات اللاجئين؟ أين كلمات التنديد؟

 

حاولت الجامعات الإسرائيلية وجماعات الضغط الموالية لـ”إسرائيل” في أوروبا وأميركا بقوة أن تحول دون صدور القرار من مؤتمر اتحاد المحاضرين لأن ذلك يمثل ثغرة في جبهة الدفاع المنيعة عن “إسرائيل” في أوروبا وأميركا.

 

وقد يتبع ذلك ثغرات أخرى في قطاعات أكثر خطورة من اتحاد المحاضرين. وليست من عادة “إسرائيل” ومناصريها في الغرب أن ينتظروا حتى تقع الفأس في الرأس فهم يولولون بأعلى صوتهم ويجندون كل قواهم عند حائط الدفاع الأول، على عكس العرب تماماً!

 

قامت حملة واسعة ضد مشروع القرار منذ الإعلان عنه قبل قيام المؤتمر، من قبل جهات إسرائيلية ومنظمات يهودية في بريطانيا والولايات المتحدة، وتولت منظمة «المؤتمر الدولي للحرية الأكاديمية» في جامعة بار-إيلان بـ”إسرائيل” قيادة الحملة ضد مشروع القرار.

 

وقد نشأت هذه المنظمة في العام الماضي عندما ظهرت فكرة المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل بين أعضاء اتحاد أكاديمي آخر، ولكن قرار المقاطعة ألغي بسبب مادة في دستور ذلك الاتحاد احتج بها أحد أعضائه اليهود.

 

ورغم أن القرار الأخير فاز داخل الهيئة التنفيذية لاتحاد المحاضرين قبل انعقاد المؤتمر العام إلا أن الهجوم عليه بدأ من سكرتير الاتحاد، بول مكني، في جلسة المؤتمر الافتتاحية وغطى على هجومه بتوجيه نقد لاذع لسياسة “إسرائيل” في المناطق المحتلة ودعا إلى اتخاذ قرار بديل يكرر التأييد والدعم للفلسطينيين، وأسقط المؤتمر اقتراحه مصراً على تأييد المقاطعة.

 

وقال أعضاء في منظمة المؤتمر الدولي للحرية الأكاديمية إنهم سيلاحقون القرار من قنوات قضائية، ووصف القرار من قبل أصدقاء “إسرائيل” بأنه رجعي ويلحق السخرية بالاتحاد وأنه يناقض الحرية الأكاديمية ويعطي دفعة إلى معاداة السامية.

 

ووصفته وزيرة التربية الإسرائيلية بأنه خطوة تستحق التنديد والاشمئزاز، واتصلت الوزيرة بوزير دولة في الخارجية البريطانية الذي عبر لها عن أسفه لصدور القرار، وستبحث لجنة رؤساء الجامعات في “إسرائيل” كيفية مناهضة القرار والعمل على إلغائه.

 

وقد كان العديد من المنظمات الفلسطينية وعلى رأسها «حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل» تدعو منذ فترة لمقاطعة الأكاديمية الإسرائيلية، ورحبت بقرار اتحاد المحاضرين لأنه «يقود الطريق من ناحية المسؤولية الأخلاقية للأكاديمية البريطانية لمقاطعة التمييز العنصري الإسرائيلي».

 

ولا يشكل قرار اتحاد المحاضرين البريطانيين خطوة كبيرة ضد “إسرائيل” ولكنه يشير بوضوح إلى المجال الذي ينبغي للعرب والفلسطينيين أن يلجوه في الغرب لكشف السياسة الإسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني ومناهضتها، وذلك مجال منظمات المجتمع المدني. وعلى رأسها مؤسسات التعليم العالي التي طالما نصح الراحل إدوارد سعيد منظمة التحرير الفلسطينية أن تركز عليه وتنسى الجري خلف السياسيين في الكونغرس والبرلمانات الغربية الذين يخشون سطوة اللوبي الصهيوني ولا يستطيعون مجابهته.

 

وقد نشر قبل بضع شهور في أميركا بحث علمي كتبه اثنان من كبار أساتذة العلوم السياسية في جامعتي هارفرد وشيكاغو عن قوة تأثير اللوبي اليهودي في صنع السياسة الأميركية حول الشرق الأوسط، ونفى البحث بحجج دامغة فرضية أن مصلحة أميركا تتطابق مع مصلحة “إسرائيل” في الشرق الأوسط وأن “إسرائيل” تستطيع خدمة الأهداف الأميركية في المنطقة.

 

وقد أثار البحث ثائرة اللوبي اليهودي الذي شعر بأنه طعن في أقوى حصونه وكشفت حججه الزائفة التي يسوق بها بضاعته في الساحة الأميركية.

 

وينبغي على منظمات المجتمع المدني في العالم العربي أن تنفتح على نظيراتها في الغرب حتى تكسب تأييدها ومناصرتها لقضايا الأمة العربية، فمهما كان تأثير اللوبي اليهودي وإمكاناته المادية والبشرية والتنظيمية فإن الحق أبلج وله قوته الذاتية الدامغة.

 

وهناك أعداد ضخمة من الغربيين في شتى قطاعات الحياة لديها الاستعداد العقلي لكي تستمع وتستجيب للحجة القوية الرصينة والاستعداد الأخلاقي لأن تناصر القضية العادلة.

 

ولكن ينبغي على من يتصدّون لهذه المهمة في المنظمات العربية أن يدرسوا جيداً العقلية الغربية وكيفية مخاطبتها وأن يعدوا أنفسهم بالمعلومات الكافية والحقائق الثابتة حول القضية التي يدافعون عنها.

 

وقد تجني المنظمات العربية فوائد جانبية من العلاقة بمثيلاتها في الغرب مثل أن تهب للدفاع عنها حين تتعرض لتدخل وقهر الحكومات الشمولية في بلادها التي لا تعترف بعد بدور مستقل لمنظمات المجتمع المدني.

 

لقد كشفت دراسة الأستاذين الأميركيين ضعف الحجج التي يستند إليها المؤيدون لإسرائيل في الغرب بأنها واحة للديمقراطية في محيط ديكتاتوري غاشم، وأنها دولة صغيرة ضعيفة تتحرش بها كل الدول العربية المحيطة بها، وأنها دولة مسالمة تريد أن تعيش في سلام مع الآخرين، وأنها داعية ومناصرة للقيم والمبادئ الغربية.

 

ويكتسب الدفاع العربي مصداقية أقوى حين توجه المقاومة ضرباتها فقط لقوات الاحتلال والمساندين له وتبتعد عن الاعتداء على المدنيين خاصة بين النساء والأطفال، ليس فقط من أجل كسب الحجة العليا ولكن لأن ذلك أمر محرم ديناً وأخلاقاً.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

كينجستون – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزيرة الخارجية والتجارة الخارجية في دولة جامايكا، اليوم الأربعاء، أن دولتها اعترفت رسميًا بدولة فلسطين....