الجمعة 19/أبريل/2024

حوارة .. البلدة الثائرة تحت حصار الاحتلال

حوارة .. البلدة الثائرة تحت حصار الاحتلال

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام
فرضت قوات الاحتلال الصهيوني -مساء الأحد- حصارًا على بلدة حوارة جنوب نابلس، ضمن إجراءاتها العقابية ضد البلدة الثائرة.

وأفادت مصادر محلية أن جرافات الاحتلال أغلقت ستة مداخل وطرقا فرعية في البلدة، تربط بين البلدة وعدد من القرى والبلدات المحيطة بها.

وأشارت إلى أن المداخل المغلقة هي: اودلا، الوجبة السريعة، مدخل مدرسة عقاب مفضي، مطعم شمس، شارع الداخلية، ومدخل عينبوس.

يأتي ذلك بعد يوم من العملية الفدائية التي نفذها مقاومون في البلدة وأدت لإصابة جنديين صهيونيين أحدهما حالته خطيرة.

ثلاثية فدائية

وهذه العملية واحدة من ثلاث عمليات فدائبة خلال شهر واحد، استهلها الفدائي البطل الشهيد عبد الفتاح خروشة في مثل هذا اليوم من الشهر الماضي بقتل مستوطنين صهيونيين، وتوالت العمليات لاحقا.

ووصفت صحيفة عبرية تكرار العمليات في البلدة الثائرة بالفشل الاستخباري والأمني والعسكري الذريع.

وقال المراسل العسكري في صحيفة “ميكور ريشون” إن نسبة الفشل الأمني والعسكري في حوارة بلغت 100%، وهي النسبة ذاتها التي تعطى لمنفذي العمليات، ولكن في نسبة النجاح.

وأضاف المراسل أن ثلاث خلايا عسكرية فلسطينية ضربت قوات الجيش والمستوطنين بثلاث عمليات في أقل من شهر قتل خلالها مستوطنان وأصيب 3 آخرون، منهم جنديان أصيبا أمس في عملية إطلاق نار استهدفتهم في قلب حوارة.

وبلدة “حوارة” الفلسطينية، واحدة من 56 قرية وبلدة تتبع مدينة نابلس، إحدى أكبر محافظات شمال الضفة الغربية.

ويعني اسمها باللغة السريانية “البياض” أو “الأرض البيضاء”، وسُميَّت بذلك لبياض تربتها المعروفة باللهجة الفلسطينية بـ”الحُوَّر”.

استباحة تذكر بالنكية

واستباح مئات المستوطنين البلدة ونفذوا اعتداءات همجية بحماية قوات الاحتلال بعد العملية الفدائية التي نفذها خروشة في 26 فبراير/شباط 2023 وأدت لقتل مستوطنين اثنين في “شارع حوارة” الواصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.

واجتاح مئات المستوطنين البلدة ليلاً انطلاقا من مستوطنتي “يتسهار” و”هار براخا”، ويحرقوا ممتلكاتها ومنازل مواطنيها ومركباتهم، في مشهد مكرر ذكّر الفلسطينيين والعالم بمآسي أيام النكبة عام 1948 وما ارتكبته العصابات الصهيونية آنذاك من مجازر بحقهم.

وفي حين كانت تجري اعتداءات المستوطنين خرج وزير مالية الاحتلال المتطرف الفاشي بتسلئيل سموتريتش، ليطالب بمحو حوارة عن الوجود، وهو ما طالب به أيضا دافيدي بن تسيون نائب رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية، وأيده في ذلك وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

ماذا تعرف عن حوارة؟

تقع حوارة جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وتبعد عن مركز المدينة 9 كيلومترات، ويقسمها “شارع حوارة” (طريق “نابلس – القدس” كما عرف قديما) بين شرق وغرب.

تتبع البلدة إداريا لمحافظة نابلس، وحسب اتفاق أوسلو عام 1993 صنفت أراضي حوارة بين مناطق “ب” الخاضعة إداريا وأمنيا للسلطة الفلسطينية، والمنطقة “ج” الخاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية.

وأُسس أول مجلس قروي في البلدة عام 1965، وتحولت لاحقا -بعد زيادة سكانها- إلى مجلس بلدي عام 1998، يتكون من “11” عضوا بمن فيهم الرئيس، وينتخبون عبر ما تُقره لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية.

وتحيطها من الشرق قريتا أودلا وبيتا، ومن الغرب بلدة عينابوس وجماعين، ومن الشمال بورين، ومن الشرق عورتا.

تقدر المساحة التي تشغلها البنايات في البلدة بحوالي ألف دونم (الدونم= ألف متر مربع) بينما تقدر مساحتها الإجمالية بنحو 10 آلاف دونم، ويزرع سهلها بالحنطة والحبوب، ويعد ثاني أكبر سهل بعد “مرج بن عامر” شمال الضفة الغربية.

وبلغ عدد سكان حوارة عام 2017 وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 6659 نسمة، وارتفع عام 2022 إلى حوالي 7 آلاف نسمة، إضافة إلى 9 آلاف يعيشون خارج الوطن، معظمهم في الأردن وأميركا.

ويتوزع سكانها بين 3 عائلات كبيرة: عودة والضميدي والخموس، ومنها تتفرع عوائل أخرى، وتقول عائلة عودة (التي تشكل ثلثي البلدة) إنهم حجازيون، وعائلة “الضميدات” يعود أصلها إلى “غور دامية” في الأردن، والعائلة الثالثة هي “خموس” وأصلها من بلدة “مخماس” شمال شرق القدس.

واشتهر سكان البلدة بهجرتهم إلى أميركا التماسا للرزق، وقد عاد بعضهم ومعهم زوجاتهم الأميركيات وأولادهم، وعام 1944 أسلمت 20 سيدة منهن، وعام 1966 كان في البلدة 13 مسيحيا، لكن إحصاءات عام 2022 لا تظهر وجود مسيحيين.

ويمتد أصل بلدة حوارة لأكثر من 700 عام، وموطنها “خربة قوزة” القريبة، ويعد “بئر قوزة” مصدرا أساسيا لمياه البلدة.

شاركت حوارة في النضال الفلسطيني ضد الغزاة خلال مختلف المراحل التاريخية، وفي العصر الحديث يذكر لأبنائها مشاركتهم في ثورة عام 1936 ضد الإنجليز، واستشهاد 3 منهم وهم محمود الحمور وماجد سعادة والسنوسي الحواري.

عدوان صهيوني متكرر

وبعد الاحتلال الإسرائيلي للبلدة عام 1967 وحتى مطلع عام 2023، سُجلت أكثر من 800 حالة اعتقال بين أبنائها الذين تراوحت أحكامهم بين 18 يوما و16 عاما، بالإضافة إلى 25 شهيدا، بينهم 5 خلال انتفاضة الأقصى الثانية.

وشكَّل موقع حوارة على الشارع الرئيسي الذي يسلكه المستوطنون صيدا ثمينا لمقاوميها، وخاصة في الانتفاضة الأولى حين شنوا فرادى وجماعات هجمات ضد المستوطنين.

وفيها مقاومون شكلوا خلايا لمقاومة الاحتلال منهم نجم عودة، الذي ارتقى شهيدا مع 15 مقاوما آخرين في “ملحمة عين البيضاء” بالأغوار الفلسطينية الشمالية عام 1970، ولا يزال الاحتلال يحتجز جثامينهم بمقابر الأرقام.

السرطان الاستيطاني

والاستيطان أكثر العوامل الطاردة والقاهرة لأهالي حوارة، فقد نهشت مستوطنة “يتسهار” 1500 دونم من شمال البلدة وآلاف الدونمات من القرى المجاورة، بالإضافة إلى مستوطنة “جفعات رونين” الاستيطانية التي تفرعت منذ سنوات عن المستوطنة الأم “هار براخا”.

وإلى جانب المستوطنتين استولى الاحتلال على المعسكر الأردني القديم “معسكر حوارة” الذي أقيم قبل عام 1967 على أراضي عورتا وحوارة، فحوَّله مقرا لجيشه، ومركزا للتوقيف والتحقيق مع الأسرى الفلسطينيين، مع مقرات للشرطة والمخابرات الإسرائيلية والارتباط العسكري، وأضاف مهبطا للطائرات العمودية، ثم تحوَّل جزء من المعسكر لإدارة مدنية من أجل “إدارة شؤون الفلسطينيين”.

وقرب المعسكر أقام الاحتلال حاجز حوارة العسكري عام 2000 ليشكل مع حاجز زعترة جنوبا على بعد 5 كيلومترات فكي كماشة لشارع حوارة بأكمله.

وصادر الاحتلال 1100 دونم من أراضي البلدة لمصلحة الشارع الاستيطاني الالتفافي الجديد، الذي بدأ بشقه بداية عام 2021 ليكون بديلا عن شارع حوارة الرئيسي، الذي حوَّله الاحتلال لثكنة عسكرية عبر إقامته 15 برجا عسكريا للمراقبة، وحواجز متحركة وثابتة بين طرفي شارع حوارة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات