الجمعة 29/مارس/2024

قراءة للواقع الفلسطيني في الذكرى الثامنة والستين للنكبة

رأفت مرة*

تمرّ ذكرى النكبة هذا العام في ظل واقع فلسطيني صعب، مرتبط بالأحداث الإقليمية والتطورات الدولية، وتزداد الصعوبة مع تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، واستمرار الخلاف السياسي الفلسطيني الداخلي، بدون تقدّم المصالحة، مع استمرار سياسة الإرهاب والحصار الإسرائيلي، وازدياد الهجمة على القدس والمسجد الأقصى، بالتزامن مع مشاريع إسرائيلية لضمّ أجزاء من الضفة الغربية، واستهداف الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948، ومواصلة سياسة القتل والاغتيال والتهويد.

وتترافق مع الأزمات الفلسطينية الداخلية أزمات، لا بل كوارث إنسانية واجتماعية ومصيرية، يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في سوريا ولبنان والأردن، في ظل أحداث تهدّد مصيرهم وحياتهم.

في ظل هذا الواقع المؤلم، هناك مؤشرات امتلاك الفلسطينيين مجموعة من عناصر القوة، التي تجعل من الإمكانية تجاوز مجموعة من الأزمات التي سبق ذكرها.

رغم الواقع السياسي الصعب في المنطقة وكل أحداث العنف، إلا أن الفلسطينيين حافظوا على قضيتهم وعلى مسارها الصحيح، وزاد اهتمامهم بها، ورفضوا إشراكهم في المحاور الإقليمية التي تشكلت مؤخراً.. وبناء عليه، انتفض الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال، وواجه التهويد والاعتداء على القدس والأقصى، ونفّذ عمليات طعن ودهس، وجاءت “انتفاضة القدس” في وقت سياسي مهم، أعادت فيه الروح للقضية، وأكدت امتلاك الفلسطينيين قرارهم، وأظهروا بسالة كبيرة في التصدي للاحتلال، وكسر شوكته في أكثر من مكان.

وفي هذه الفترة، برز التطور في أعمال المقاومة في غزة والضفة، كعنصر قوة وأداة ردع أساسية، وهذا ما عزّز من الموقف الفلسطيني، وشكّل درع حماية للمطالب والحقوق الفلسطينية.. وهو ما ظهر بشكل واضح في عجز الاحتلال عن كسر إرادة الانتفاضة في القدس والضفة، أو في تسجيل أهداف سياسية وعسكرية في قطاع غزة ومحيطه. وبذلت حكومة الاحتلال جهوداً كبيرة في الحالتين، لكنها لم تحقق الأهداف المطلوبة.

ومثّل تمسّك حماس برؤيتها السياسية المقاوِمة في هذا الزمن عنصر قوة لخطّها، في حين كانت الحكومة الإسرائيلية ترفض شروط عباس للتسوية، وهو يواصل التنسيق الأمني، وترفض التجاوب مع شروطه تسلم مناطق (أ) و(ب)، وظلّت محاولات عباس في فتح نوافذ جديدة للمفاوضات مجرّد أمنيات تعطلت أمام مجلس الأمن.

ولا يمكن أن ننكر المكاسب التي تحققت للاحتلال في السنوات الأخيرة بفعل الأزمات في سوريا ومصر ولبنان والانخراط في الصراع الداخلي.

لكن في الحالة الفلسطينية بقيت سياسة المحافظة على الذات والهدف هي الغالبة، واستطاع الفلسطينيون التأقلم معها، لكن نشأت للاحتلال أزمات جديدة مثل المقاطعة العالمية والانتقاد القوي لسياساته خاصة الاستيطانية.

اليوم في ذكرى النكبة، لا تزال هناك فرص لتعزيز الوضع الفلسطيني، أهمها: دعم انتفاضة القدس، واستمرار تعزيز موقع المقاومة وقدراتها، والسعي لفكّ الحصار عن غزة، وإنهاء الخلاف الفلسطيني، ودعم اللاجئين في سوريا ولبنان، والصمود أمام المطالب الإسرائيلية.

الفرصة متاحة أمام رأي شجاع لا بدّ أن يبدأ بإطلاق حوار فلسطيني شامل ومسؤول يضم الجميع، هو أكثر ما تكون فلسطين بحاجة إليه.

…………………..
كاتب فلسطيني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات