الجمعة 19/أبريل/2024

هل يعيد قرار ترمب نقل السفارة الاعتبار لخيار المقاومة؟

هل يعيد قرار ترمب نقل السفارة الاعتبار لخيار المقاومة؟

أجمع خبراء وسياسيون على أن عزم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، إعلان بموت اتفاقيات التسوية السياسية وإعادة الاعتبار لخيار المقاومة.

ووصف الخبراء القرار بالخطوة الاستفزازية، التي تعكس حالة الضعف والوهن التي يعيشها العرب والمسلمون في السنوات الأخيرة.

نقطة تحول

ورأى الخبير السياسي المصري، محمد سيف الدولة، أن إعلان ترمب المرتقب سيمثّل “نقطة تحول في تاريخ الصراع العربي – الصهيوني، لأنه سيعيد الاعتبار لخيار المقاومة والكفاح المسلح، ويعيد تحريك الشارع العربي المناهض للكيان الصهيوني وأمريكا ومصالحها في المنطقة”.

وقال سيف الدولة في تصريحات لوكالة “قدس برس”، إن صمت العواصم العربية واكتفاءها بالاستنكار دون إقدامها على فعل حقيقي بخصوص مسعى ترمب الذي أطلع عليه القادة العرب، يمثّل “إعلانا جديدا وإضافيا لسقوط النظام الرسمي العربي وعجزه وفشله عن حماية أي حقوق فلسطينية أو عربية، وتواطئه مع أعداء الأمة على ضياعها والتفريط فيها”.

وبحسب تقديره؛ فإن إعلان ترامب “فضح كل الحكام العرب الذين روّجوا لما يسمى بصفقة القرن، وللوهم المتمثل بوجود فرق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وأن واشنطن وسيط نزيه؛ بينما هي العدو الرئيسي”.

وأضاف “قرار ترمب أعلن موت ما يسمى بعملية السلام واتفاقيات اوسلو، ونهاية أوهام انسحاب إسرائيل من أي أرض محتلة أو قبولها بدولة فلسطينية على حدود 1976، كما أنه يعبّر عن فشل صارخ للسلطة وانتهاء دورها وسقوط رهاناتها هي ومنظمة التحرير منذ عام 1993”.

قرار دولي

بدوره، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عبد الله الأشعل، أن الإعلان الأمريكي بشأن القدس يستدعي تحرّكا عربيا للحفاظ على المدينة ومكانتها، من خلال “مساندة الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية”.

وشدّد الأشعل على ضرورة نقل المعركة إلى الداخل الأمريكي عبر المحافل القانونية لإثبات عروبة القدس، من خلال رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الأمريكية ضد قرار الكونجرس الذي استند إليه ترمب في إعلانه نقل سفارة واشنطن إلى القدس.

وبرأيه؛ فإن خطوة كهذه من شأنها إحداث ضجة كبيرة في الشارع الأمريكي، وتكثيف الجبهة المعارضة لنقل السفارة.

ودعا الخبير المصري في القانون الدولي، الدول العربية للسعي لاستصدار قرار دولي من محكمة العدل الدولية لتفسير وضع القدس على أساس قرار التقسيم عام 1947 (رقم 181)، والذي نصّ على “تحويل القدس بضواحيها إلى وحدة إقليمية مستقلة ذات وضع دولي خاص”.

خطأ استراتيجي

من جانبه، رأى الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” رئيس الحكومة المغربية السابق عبد الإله بنكيران، أن اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس، يمثل تعميقا للأزمة المستعصية في الشرق الأوسط، وضربا لكل الجهود الداعية للتسوية السياسية.

ووصف بنكيران التوجه الأمريكي بشأن نقل السفارة إلى القدس، بأنه “خطوة استفزازية”، وقال بأنه “يعكس محاولة لاستغلال حالة الضعف والوهن التي يعيشها العرب والمسلمون في السنوات الأخيرة لفرض أمر واقع في فلسطين”.

وأكد بنكيران، أن “الخطة الأمريكية خطأ استراتيجي، ولن يكون له أي أثر إيجابي في المنطقة، وقال: “كل الذين راهنوا على السلام والتسوية والحل السلمي في الشرق الأوسط، سيتراجعون إزاء صدور هذا القرار”.

وأكد بنكيران، أن “قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لن يغير من أصل الصراع شيئا، ولن يختطف القدس من أهلها ولن يغير طبيعتها”.

وقال: “التاريخ ليس فيه ضياع نهائي للحقوق، وقد حاول الصليبيون قبل ذلك، وبالتالي ما يجري اليوم هو دورة من دورات التاريخ، أما الأصل القضية الفلسطينية فثابت، لأنه يتعلق بمسائل الحق والباطل، والحق أن القدس مدينة عربية إسلامية ـ مسيحية ـ يهودية، وأن يستأثر بها الصهاينة بالقوة، فهذا منطق الغلبة، الذي لا يصمد مع التاريخ”، على حد تعبيره.   

مزيد من التصادم

بدوره، انتقد زعيم حركة “النهضة” التونسية الشيخ راشد الغنوشي، توجه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لنقل سفارة بلاده من “تل أبيب” إلى القدس، وعدّ ذلك دفعا بالمنطقة نحو مزيد من التصادم.

وقال الغنوشي : “توجه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لنقل سفارة بلاده إلى القدس، لا يزيد الوضع في المنطقة إلا تعكيرا، وهو قرار استفزازي، ودفع بالأوضاع إلى مزيد من التدهور”.

ورأى الغنوشي، أن “القرار الأمريكي المرتقب بشأن نقل سفارة واشنطن إلى القدس، هو أجمل هدية يتم تقديمها للإرهاب، وهي خطوة تشجع الاحتلال على مزيد من التطرف”.

وعدّ هذا التوجه الأمريكي، الذي عبر عنه الرئيس دونالد ترمب، نوعا من الاحتقار لأصدقاء أمريكا من العرب في المنطقة، وأن واشنطن لا تحسب لهم أدنى احترام.

ودعا الغنوشي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى التراجع عن هذا القرار حفاظا على استقرار المنطقة، ونزعا لفتيل التطرف، وقال: “أدعو الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى التراجع عن هذه الخطوة التي ليس من شأنها إلا أن تدفع المنطقة إلى مزيد من التطرف والفوضى”، على حد تعبيره.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أبلغ رئيسَ السلطة الفلسطينية محمود عباس، نيّته نقل السفارة الامريكية من “تل أبيب” إلى مدينة القدس المحتلة، في اتصال هاتفي الثلاثاء.

ويعدّ نقل السفارة اعترافًا أمريكيًا بشرعيّة الاحتلال على القدس.

وكان الكونغرس الأمريكي أصدر عام 1995 قانونًا يطالب الرئيس بنقل سفارة البلاد إلى القدس، والاعتراف بالمدينة عاصمة موحّدة للاحتلال الإسرائيليّ، ولكنّ القانون نفسه فسح مجالًا للرئيس الأمريكي بتأجيل تنفيذه مراعاة للمصالح الأمنية القومية الأمريكيّة في إقرار ضمنيّ من الكونجرس بأنّ تطبيق مثل هكذا قانون من شأنه أنْ يعرّض مصالح أمريكا للخطر بالنظر إلى حساسيّة موضوع القدس لدى العرب والمسلمين في كل العالم.

ودأب رؤساء أمريكا على التوقيع على مذكرة تقضي بتأجيل تنفيذ القانون مدة ستة أشهر لتتكرر أزمة التأجيل حتى هذه المرحلة.

وأدت الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الحقوق الفلسطينية، لا سيما التي تمس المقدسات الفلسطينية عموما والقدس بشكل خاص، إلى اندلاع انتفاضات وهبّات شعبية منها ثورة النبي موسى عام 1920، وثورة يافا عام 1921، وثورة البراق عام 1929، والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، وانتفاضة الأقصى عام 2000، وهبة باب الأسباط عام 2017.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات