الأربعاء 24/أبريل/2024

الاستيطان… أيضاً وأيضاً

الاستيطان… أيضاً وأيضاً

صحيفة الخليج الإماراتية

من المفترض أن تشكل الموازنة “الإسرائيلية” لعامي 2009/2010، والتي أعلنت عنها إذاعة الجيش “الإسرائيلي” رسمياً، قبل بضعة أيام، بما تضمنته من استثمارات بقيمة 250 مليون دولار في مستوطنات الضفة الغربية، تحدياً سافراً ومدوياً لإدارة باراك أوباما التي تصرّ على وقف الاستيطان بكل أشكاله.

ولكن هذا الافتراض يبقى حبراً على ورق، أو مجرد “رؤية مخملية” في التحليل الدبلوماسي للتعارض “الناعم” إلى حينه على الأقل، بين موقف الحكومة “الإسرائيلية” من جهة، والإدارة الأمريكية من جهة ثانية، في مسألة الاستيطان على وجه التحديد، طالما أن رئيس وزراء “إسرائيل” بنيامين نتنياهو ماض في تنفيذ خطط وبرامج حكومته الاستيطانية على الأرض، في الوقت الذي لا يتجاوز فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما موقف إدارته المعارض للاستيطان، نحو أي فعل جدي، أو شبه جدي من جانبه، للخروج من لغة خطابه “الجميل” إلى آليات التحقيق المادي والملموس.

إن خبرتنا الطويلة في التعامل مع “إسرائيل” بمختلف حكوماتها، ومع الولايات المتحدة بمختلف إداراتها في آن، بشأن الاستيطان، تؤكد أن هذا الاستيطان الذي يمثل ما يصل إلى حد “العقيدة” الثابتة في الذهنية “الإسرائيلية”، لا يمكن له أن يتوقف بالكلام، ولو كان كلاماً قاطعاً وحاسماً. إن ألف طن من الكلام القاطع والحاسم في هذه الحال، لا يساوي وزن قشرة بصلة، في المفهوم السياسي للوزن المقصود.

إلى ذلك، هل يكون من القسوة في المعنى، ومن الفجاجة في الذوق الإعلامي، أن نقول وقد أصبحت موازنة “إسرائيل” الاستيطانية الجديدة، بما ظهر منها وما لم يظهر، قيد التنفيذ الفعلي، رغم أنف سيد البيت الأبيض، أو من تحت أنفه على الأصح، أن كلام هذا السيد الكبير، هو في المحصلة، قشرة بصلة؟

من المؤلم حقاً، أن نجد أنفسنا محاصرين بهذه المحصلة المحرجة. ولكن، قد نجد بيننا بالمقابل، من يقول لنا إن الوقت لم ينفد بعد، وأن مزيداً من الانتظار ضروري، لنرى ماذا سيفعل السيد الكبير، في الأسابيع، أو الأشهر القليلة القادمة؟ فالمسألة وفق هذه الضرورة، ليست سهلة أو بسيطة، وما تم خلال عشرات السنين، لا يمكن حله أو فكفكته خلال فترة قصيرة. ولن نخسر أكثر مما خسرناه، إن تركنا لذلك “الخطاب الجميل” فرصته الكافية والوافية، ليبدأ مفعوله السحري، في نهاية المطاف، في تطبيق “حل الدولتين”، إلخ. يعني، أن نمارس عادتنا القديمة، في اللعبة أو المعركة، سيان، على طريقة “عادت حليمة لعادتها القديمة” المكررة على مدار الفصول؟ ويجوز أننا ما نزال أصلاً وفصلاً، في هذه العادة ذاتها، “كأنك يا أبو زيد، ما غزيت”، أو كأننا “ما رحنا ولا جينا”، مكانك سرْ!

من عجائب هذه العادة، قدرتها الأفلاطونية على تغطية نفسها بالأحلام الوردية، من باب قولنا السائر معها، إن “الصبر مفتاح الفرج”! غير أن الواقع المتقلب على نيران التغير المستمر، ينسف هذه الأحلام دفعة واحدة، ويجعل من قولها دعوة صريحة إلى الخمود والموت.

إلى ذلك، لا بد من الخروج السريع من دائرة الانتظار. إلى أين؟ ببساطة شديدة، لا بد من أن تعد السلطة الوطنية نفسها، وإلى جانبها الدول العربية والإسلامية، لوضع إدارة باراك أوباما على المحك العملي لموقف هذه الإدارة المعارض للاستيطان. ولن يكون الإعداد المقصود بمزيد من الاتصالات الدبلوماسية مع السيد الكبير، وإنما بالذهاب فوراً إلى مجلس الأمن، للحصول على قرار منه لوقف الاستيطان. هل ستلقي إدارة أوباما بورقة الفيتو/النقض المعتادة في وجوهنا؟ ليكن الاختبار فإن فعلتْ، فإن أي انتظار لذلك المفعول السحري الموهوم، سيكون هو الآخر، ضمن وزن قشرة البصلة. وإن لم تفعل، فإننا نكون قد دخلنا عصراً جديداً في اللعبة/المعركة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات